Connect with us

السلامة أولاً

التدابير الوقائية ضمانة لسلامة المرضى

تشير التقديرات إلى أن مريضاً واحداً من بين كل عشرة مرضى يصيبه الأذى أثناء الحصول على الرعاية في المستشفيات في البلدان المرتفعة الدخل .

ويمكن أن يحدث الأذى نتيجة مجموعة من الأحداث الضارة، حيث إن ما يقرب من 50% منها أحداث يمكن الوقاية منها. وفي كل سنة يحدث  134 مليون حدث ضار في المستشفيات في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بسبب عدم مأمونية الرعاية، مما يسفر عن 2.6 مليون حالة وفاة .

وعلى الصعيد العالمي، يصاب ما لا يقل عن أربعة من كل 10 مرضى بالأذى أثناء الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأولية وخدمات رعاية المرضى الخارجيين، وما لا يقل عن 80% من هذا الأذى يمكن الوقاية منه. وتنجم غالبية الأخطاء الضارة عن التشخيص والوصفات الطبية واستعمال الأدوية .

في بلدان التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، ينجم ما قدره 15% من إجمالي أنشطة المستشفيات والنفقات عن أحداث ضارة مباشرة .

يمكن أن تؤدي الاستثمارات الرامية إلى الحد من الأذى الذي يصيب المرضى إلى تحقيق وفورات مالية معتبرة، بل والأهم من ذلك، إلى تحسين حصائل المرضى.

ويعد إشراك المرضى من بين الأمثلة على تدابير الوقاية التي يمكن اتخاذها، لأن ذلك من شأنه أن يخفف من عبء الأذى الذي يصيب المرضى بنسبة لا تقل عن 15% إذا ما أُنجز بشكل جيد .

 ما هي سلامة المرضى؟

 سلامة المرضى هي أحد تخصصات الرعاية الصحية نشأ في سياق التعقيد المتزايد لنظم الرعاية الصحية وما ينجم عن ذلك من زيادة في حجم الأذى الذي يصيب المريض في مرافق الرعاية الصحية. وتهدف سلامة المرضى إلى توقي المخاطر والأخطاء وأوجه الأذى التي يتعرض لها المرضى أثناء حصولهم على الرعاية الصحية، والحد منها. ويتمثل حجر الزاوية لهذا التخصص في التحسين المستمر القائم على التعلم من الأخطاء والأحداث الضارة.

 وتعتبر سلامة المرضى أمراً أساسياً لتقديم خدمات صحية أساسية عالية الجودة. وفي الواقع، هناك إجماع واضح على أنه ينبغي أن تكون الخدمات الصحية العالية الجودة المقدمة على مستوى العالم فعالة ومأمونة وتركز على الناس. وعلاوة على ذلك، كي يتسنى تحقيق الفوائد المرجوة من الرعاية الصحية الجيدة النوعية، يجب أن تكون الخدمات الصحية مناسبة التوقيت ومنصفة ومتكاملة وفعالة.

 ولضمان تنفيذ الاستراتيجيات المتعلقة بسلامة المرضى تنفيذاً ناجحاً، لابد من توافر سياسات واضحة وقدرات قيادية وبيانات بشأن كيفية تحسين السلامة ومهنيين مهرة في مجال الرعاية الصحية، فضلاً عن المشاركة الفعالة للمرضى في الرعاية المقدمة لهم.

لماذا يُصاب المريض بالأذى؟

 النظام الصحي الناضج هو ذلك النظام الذي يراعي التعقيد المتزايد الذي تتسم به بيئات الرعاية الصحية التي تجعل الإنسان أكثر عرضة للخطأ. فعلى سبيل المثال، قد لا يُعطى للمريض في المستشفى الدواء المناسب له بسبب خلط ناجم عن تشابه في تغليف الدواء. وفي هذه الحالة، فإن الوصفة الطبية تمر بمستويات مختلفة من الرعاية، بدءاً بطبيب العنبر إلى الصيدلية التي تتولى صرفه، وصولاً إلى الممرضة التي تعطي الدواء غير المناسب للمريض. فلو أُرسيت عمليات اتّقاء على مختلف مستويات الرعاية، لتم تحديد هذا الخطأ وتصحيحه بسرعة. وفي هذه الحالة، فإن عدم توافر إجراءات معيارية لتخزين الأدوية المتشابهة، وسوء الاتصال بين مختلف مقدمي الخدمات، واعطاء الدواء قبل التحقق منه، وعدم إشراك المرضى في رعايتهم، تشكّل ربما العوامل الأساسية التي أدت إلى حدوث الأخطاء. وتُلقى عادةً المسؤولية عن مثل هذا الحادث على مقدم الخدمة الذي ارتكب الخطأ (خطأ مباشر) وحده، مع احتمال معاقبته على ذلك. وللأسف، فإنه لا تُراعى هنا عوامل النظام المذكورة آنفاً والتي أدت إلى حدوث الخطأ (أخطاء كامنة). إن ارتكاب خطأ مباشر على المريض ناجم عن حدوث سلسلة من الأخطاء الكامنة.

 والإنسان ليس معصوماً من الخطأ، ومن غير المعقول أن يُتوقع من بشر يعملون في بيئات معقدة وشديدة الضغط ألا يرتكبوا أي خطأ في عملهم، كما أن افتراض أن الفرد قادر على بلوغ الكمال لن يؤدي إلى تحسّن مستوى السلامة . ولتمكين الإنسان من عدم ارتكاب الأخطاء، لابد أن يوضع في بيئة محمية من الأخطاء تكون فيها النظم التي يستخدمها والمهام والعمليات التي يضطلع بها مصممة تصميماً محكماً . وبناءً على ذلك، فإن التركيز على النظام الذي ييسّر حدوث الأذى يشكّل خطوة أولى نحو التحسين، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا في بيئة مفتوحة وشفافة تسود فيها ثقافة السلامة، ثقافة تولي أهمية كبيرة للمعتقدات والقيم والمواقف المتصلة بالسلامة والتي يتقاسمها معظم الأشخاص في مكان العمل .

 عبء الأذى

 يعاني ملايين المرضى كل عام من الإصابات أو يموتون بسبب الرعاية الصحية غير المأمونة وذات النوعية الرديئة. ولا تنفك تنشأ الكثير من الممارسات والمخاطر الطبية المتصلة بالرعاية الصحية بوصفها تحديات رئيسية تهدد سلامة المرضى وتسهم بشكل كبير في عبء الأذى الناجم عن انعدام مأمونية الرعاية. وفيما يلي بعض الحالات المتعلقة بسلامة المرضى الأكثر إثارة للقلق:

 تُعتبر أخطاء الأدوية سبباً رئيسياً للإصابات والأذى الذي يمكن تجنبه في نظم الرعاية الصحية: قُدِّرت التكلفة المرتبطة بأخطاء الأدوية على مستوى العالم بـ 42 مليار دولار أمريكي سنوياً.

 تصيب العدوى المرتبطة بمراكز الرعاية الصحية 7 إلى 10 مرضى من كل 100 مريض في المستشفى في البلدان المرتفعة الدخل والبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على التوالي.

تُسبب إجراءات الرعاية الجراحية غير المأمونة مضاعفات لما لا يقل عن 25% من المرضى. ويُعاني ما يقرب من 7 ملايين من مرضى الجراحات من مضاعفات جسيمة كل سنة، ويلقى مليون مريض منهم حتفه أثناء الجراحة أو بعدها مباشرةً.

 قد تؤدي ممارسات الحقن غير المأمونة المعطاة في أماكن الرعاية الصحية إلى نقل العدوى، بما في ذلك العدوى بفيروس العوز المناعي البشري والتهاب الكبد B وC، وأن تشكّل خطراً مباشراً على المرضى وعاملي الرعاية الصحية؛ ويُقَدَّر عبء الأذى الذي تسهم به هذه الممارسات بـ 9.2 مليون سنة من سنوات العمر المصححة باحتساب مدد الإعاقة والوفاة على الصعيد العالمي .

 تقع الأخطاء التشخيصية لدى نحو 5% من البالغين في أوساط الرعاية بالعيادات الخارجية، ومن الممكن أن يسبِّب أكثر من نصف هذه الأخطاء أذى وخيماً. ومعظم الناس معرّضون لخطأ تشخيصي في عمرهم .

 تُعَرِّض ممارسات نقل الدم غير المأمونة المرضى لخطر تفاعلات نقل الدم السلبية ونقل العدوى ؛ ويتَّضح من البيانات الخاصة بتفاعلات نقل الدم السلبية المأخوذة من مجموعة قِوامها 21 بلداً أن متوسط معّدل وقوع التفاعلات الخطيرة يبلغ 8.7 تفاعل لكل 000 100 مكوِّن من مكوّنات الدم الموزّعة.

 تتضمّن أخطاء العلاج بالإشعاع فرط التعرّض للإشعاع وحالات الخطأ في تحديد المريض أو في تحديد الموضع وتشير التقديرات المستمدّة من استعراض للبيانات المنشورة على مدى 30 عاماً بشأن السلامة في المعالجة الإشعاعية إلى أن المعدّل الإجمالي لوقوع الأخطاء يبلغ حوالي 15 خطأ لكل 000 10 مقرّر علاجي.

 لا يتم غالباً تشخيص الإنتان في وقت مبكر بالشكل الكافي لإنقاذ حياة المريض. ولأن حالات العدوى هذه عادةً ما تكون مقاوِمة للمضادات الحيوية، فقد تؤدي بشكل سريع إلى تدهور الحالة السريرية، ويتضرّر منها ما يقدَّر بـ 31 مليون شخص في أنحاء العالم، وتسبِّب ما يربو على 5 ملايين حالة وفاة سنوياً.

 يعدّ الانصمام الخثاري الوريدي (الجلطات الدموية) واحداً من الأحداث الأكثر شيوعاً الضارة بالمرضى والتي يمكن الوقاية منهاً، إذ يسهم في ثلث المضاعفات المرتبطة بالعلاج بالمستشفيات. ويقع ما يقدَّر بـ 3.9 مليون حالة سنوياً في البلدان المرتفعة الدخل و6 ملايين حالة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط .

سلامة المرضى – عنصر أساسي للتغطية الصحية الشاملة

تعدّ سلامة المرضى أثناء توفير خدمات صحية مأمونة وعالية الجودة لهم أحد الشروط الأساسية لتعزيز نظم الرعاية الصحية وإحراز تقدم نحو تحقيق تغطية صحية شاملة فعالة في إطار الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة (ضمان تمتعُّ الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار).

 وتنصبّ الغاية 3-8 من أهداف التنمية المستدامة على تحقيق التغطية الصحية الشاملة “بما في ذلك الحماية من المخاطر المالية، وإمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية الجيدة، وإمكانية حصول الجميع على الأدوية واللقاحات الأساسية المأمونة والفعالة والجيدة والميسورة التكلفة.” وفي إطار العمل من أجل تحقيق هذه الغاية ، تتَّبِع المنظمة مفهوم التغطية الفعالة: إذ تعتبر التغطية الصحية الشاملة نهجاً لتحقيق صحة أفضل وضمان تقديم خدمات جيدة متسمة بالمأمونيّة إلى المرضى .

 ومن الأهمية بمكان أيضاً إدراك التأثير الناجم عن سلامة المرضى في الحدّ من التكاليف المرتبطة بتعرّض المرضى للأذى وتحسين الكفاءة في نظم الرعاية الصحية. كما يساعد توفير خدمات مأمونة على طمأنة المجتمعات المحلية وإعادة ثقتها في نظم الرعاية الصحية القائمة.

 المصدر:

https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/patient-safety

Continue Reading

مقالات شائعة