المنتدى الصحي

تحسين تجربة المريض يعزز الجودة

ترجمة وتحرير : د.بسام درويش

تُعتبر تجربة المريض عنصراً أساسياً في تحديد جودة الرعاية الصحية. فهي تشمل كل التفاعلات التي تؤثر على تصورات المرضى ومشاعرهم حول الرعاية التي يتلقونها، سواء كان ذلك من خلال التواصل مع مقدمي الرعاية الصحية، أو الوصول إلى المعلومات الطبية، أو البيئة المحيطة بهم في المرفق الصحي، أو الدعم العاطفي المُقدَّم لهم خلال رحلتهم العلاجية. ومما لا شك فيه أن التركيز على تحسين تجربة المريض يؤثر بشكل مباشر على فعالية وكفاءة تقديم الرعاية الصحية، وكذلك على جودة النتائج التي يحققها المرضى ورضاهم عن الخدمة.

العناصر الرئيسية في الرعاية الجيدة

1. تحسين النتائج الصحية

تؤثر تجربة المريض بشكل مباشر على نتائجه الصحية. فقد أظهرت العديد من الدراسات، مثل تلك المنشورة في “Journal of Patient Experience”، أن المريض الذي يتلقى رعاية عالية الجودة ويشعر بالتقدير والاهتمام من قِبَل الطاقم الطبي، يميل إلى الالتزام بخطط العلاج، وحضور مواعيد المتابعة، وتحسين  الرعاية الذاتية. كما يؤدي هذا الاهتمام إلى تعزيز سرعة التعافي، وتحسين إدارة الأمراض المزمنة، وتقليل فرص حدوث المضاعفات.

مثال:
في مستشفى “كليفلاند كلينك” في الولايات المتحدة، ركزوا على تدريب العاملين في الرعاية الصحية على مهارات التواصل والتعاطف مع المرضى والاستماع لمشاكلهم. وقد أدى هذا التدريب إلى زيادة رضا المرضى والالتزام بخطط العلاج، وبالتالي تحسين النتائج الصحية بشكل عام.

2. الرعاية التي تركز على المريض واتخاذ القرارات المشتركة

يُعتبر نهج الرعاية الذي يركز على المريض أحد أهم أسس جودة الرعاية. فبدلاً من اتخاذ القرارات الطبية بشكل فردي من قِبَل الأطباء، تُشرك الرعاية المتمحورة حول المريض الأفراد في اتخاذ قراراتهم الصحية، مع مراعاة قيمهم وتفضيلاتهم الشخصية. يؤدي هذا النهج إلى تعزيز الشعور بالتمكين والراحة، وتحسين فهم المرضى لخيارات العلاج المتاحة لهم.

مثال:
في “مايو كلينك”، يتم إشراك المرضى بشكل فعّال في اختيار خطة العلاج، حيث يتم تقديم جميع الخيارات لهم بشكل شفاف ومناسب. تُظهر البيانات أن هذا النهج يساعد المرضى على الشعور بالثقة والراحة، ويساهم في تحسن كبير في نتائج العلاج.

3. تقليل التوتر والقلق وتقديم الدعم العاطفي

الرحلة العلاجية يمكن أن تكون مصحوبة بالتوتر والخوف من النتائج الصحية. لذا، فإن توفير بيئة داعمة وتقديم رعاية عاطفية فعّالة يمكن أن يحسّن تجربة المريض بشكل كبير. يُعتبر تقديم الدعم النفسي والمعنوي خلال فترة العلاج ومراحل التعافي أمرًا حاسمًا في زيادة رضا المرضى وخلق بيئة علاجية تُركز على الإنسان قبل المرض.

مثال:
في “مستشفى الأطفال في بوسطن”، تم تطوير برنامج لدعم الأسر عاطفيًا خلال فترة العلاج. وقد ساعد هذا البرنامج على تقليل قلق الأسر وتحسين جودة الحياة للمرضى الصغار، مما أدى إلى تحسين كبير في تجربتهم العلاجية.

4. بناء علاقات قوية مع المرضى

العلاقة الجيدة بين المريض ومقدم الرعاية الصحية هي ركن أساسي في تقديم الرعاية الجيدة. عندما يشعر المريض بأنه هناك من يفهم حالته ويستمع له ، ويعطيه الوقت الكافي دون النظر إلى الساعة ، وحينما يرى المريض أن الطبيب لا يرد على الهاتف أثناء حديثه ، ولا يقاطعه، وأنه محترم، ويتم الاستماع له باهتمام، فإن ذلك يبني الثقة ويزيد من التعاون في الخطة العلاجية. هذه الثقة تعزز من التزام المرضى بالعلاج وتؤدي إلى نتائج أفضل.

مثال:
تُظهر الدراسات أن المرضى الذين يشعرون بتقدير الرعاية المقدمة لهم، وسهولة التواصل مع الأطباء، ومشاركة المعلومات بشكل شفاف، يُبدون استعداداً أكبر للالتزام بخطط العلاج والعودة للمتابعة المنتظمة، مما يساهم في تقليل معدلات إعادة التنويم.

5. تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف

من خلال تعزيز تجربة المريض، يُمكن تقليل الكثير من التكاليف المرتبطة بالرعاية الصحية. فقد أظهرت الدراسات أن المرضى الذين يحصلون على تجربة إيجابية أقل عرضة لإعادة دخول المستشفيات أو زيارات الطوارئ غير الضرورية، كما أن الدعم المستمر وتقديم المشورة يقللان من نسبة المضاعفات.

مثال:
طبقت ” Kaiser Permanente ” في الولايات المتحدة أدوات رقمية لتحسين التواصل مع المرضى، مثل التطبيقات الصحية التي تُمكّن المرضى من حجز المواعيد، والوصول إلى معلوماتهم الصحية، والحصول على المشورة الطبية بشكل فوري. أدى هذا النظام الرقمي إلى تحسين تجربة المرضى، وتقليل التكاليف التشغيلية، وتحسين النتائج الصحية.

التجربة خير برهان

مهما كانت الشعارات التي تعلق على الجدران ، تبقى التجربة خير برهان ، ولهذا نؤكد على أهمية بناء فريق لديه شغف بتقديم خلاصة خبرته ومهاراته وعلمه وأخلاقه من اجل المريض ، ومن أجل أن تكون تجربة المريض مميزة ، ولا شك بأن التركيز على تجربة المريض يعدّ أمرًا حيويًا لتحقيق جودة الرعاية الصحية. من خلال تعزيز تجربة المريض، يمكن لمقدمي الرعاية الصحية تحقيق نتائج صحية أفضل، وزيادة رضا المرضى، وتحسين الكفاءة التشغيلية. الأمثلة من مستشفى “كليفلاند كلينك”، و”مايو كلينك”، و”مستشفى الأطفال في بوسطن”، و” Kaiser Permanente ” توضح كيف يمكن لتجربة المريض أن تلعب دورًا محوريًا في تعزيز جودة الرعاية وفعالية النتائج الصحية.

المصادر:

مقالات شائعة

Exit mobile version