Connect with us

الواحة الطبية

تعزيز الصحة النفسية في البيت في مرحلة ما قبل المدرسة

د.بسام درويش

مستشار في الإعلام الصحي والتطوير الطبي

تشكل مرحلة ما قبل المدرسة فترة محورية في حياة الطفل، حيث يبدأ في بناء أساسات مهاراته النفسية والعاطفية التي سترسم ملامح تطوره المستقبلي. في هذه السنوات الأولى، يلعب البيت دورًا جوهريًا في صياغة الصحة النفسية للطفل، فمن خلاله يتعلم الطفل كيف يعبر عن مشاعره، ويخطو خطواته الأولى نحو بناء الثقة بالنفس وتطوير مهارات التواصل مع الآخرين. عندما يُحرم الطفل من الدعم اللازم خلال هذه المرحلة، قد تنشأ لديه لاحقًا مشكلات نفسية تتعلق بالثقة بالنفس أو التعامل مع العواطف. ومن هنا تأتي أهمية البيت في تعزيز الصحة النفسية للطفل كخطوة أساسية لبناء جيل يتمتع بتوازن نفسي وعاطفي.

دور الأهل في تعزيز الصحة النفسية

الأهل هم الدعامة الأساسية في حياة الطفل، ويقع على عاتقهم توفير البيئة التي تغذي صحة الطفل النفسية. يتجلى هذا الدور في عدة محاور أساسية، تشمل:

1. الحب والدعم العاطفي 

   الحب والدعم العاطفي هما بمثابة السند الأول الذي يحتاجه الطفل ليشعر بالأمان والثقة. عندما يستشعر الطفل حب والديه واستجابتهم لحاجاته ومشاعره، يتعلم كيف يعبر عن نفسه دون خوف. هذا التفاعل الداعم يغرس في الطفل الشعور بالأمان الداخلي، ويقوي الرابط بينه وبين والديه، مما يعزز ثقته بنفسه وقدرته على مواجهة التحديات.

2. تشجيع اللعب الحر 

   اللعب ليس مجرد ترفيه بالنسبة للأطفال؛ إنه الوسيلة الأساسية التي يكتشفون من خلالها العالم ويعبرون عن مشاعرهم واهتماماتهم. عندما يُترك الطفل للعب بحرية، فإنه يطور مهارات التفكير الإبداعي، ويتفاعل مع بيئته المحيطة بطرق تسمح له بالتعبير عن مشاعره بشكل غير مباشر. يعد اللعب الحر أحد الأدوات المهمة في تعزيز الصحة النفسية للطفل، حيث يساهم في تفريغ مشاعرهم بطرق صحية وبنّاءة.

3. التواصل الفعّال 

   التواصل الفعّال مع الطفل يعني الاستماع له دون إصدار أحكام، وتقديم الدعم والإرشاد الذي يحتاجه. يحتاج الطفل إلى أن يعرف أن بإمكانه مشاركة أفكاره ومخاوفه مع والديه دون أن يشعر بالخجل أو الإحباط. تعزيز التواصل الجيد يساعد الطفل على تطوير مهاراته في التعبير عن مشاعره، ويغذي قدراته على بناء علاقات صحية مع الآخرين.

 طرق عملية لتعزيز الصحة النفسية في البيت

1. تخصيص وقت يومي للحديث مع الطفل 

   تخصيص الوقت الكافي يوميًا للحديث مع الطفل حول يومه ومشاعره يعزز من قدرته على التواصل. هذا الوقت حتى لدقائق معدودة تضيف الكثير إلى الطفل، إذ تمنحه المساحة للتعبير عن نفسه، وتساعده على الشعور بالاهتمام والاعتراف بمشاعره.

2. توفير بيئة منزلية مستقرة 

   الأطفال يحتاجون إلى بيئة منزلية هادئة ومستقرة كي يشعروا بالأمان. يمكن للأهل دعم هذا الأمان من خلال تجنب النزاعات أمام الطفل، وتقديم نموذج إيجابي للتفاعل. البيئة المستقرة هي بمثابة الأساس الذي يبني عليه الطفل تطوره النفسي.

3. تشجيع الطفل على التفاعل الاجتماعي 

   من المهم أن يُتاح للطفل فرصة التفاعل مع أقرانه، سواء من خلال أنشطة جماعية أو اجتماعات عائلية. مثل هذه الأنشطة توفر للطفل فرصًا لبناء علاقات اجتماعية، وتنمية مهارات التفاعل والتكيف مع الآخرين.

 تعزيز الصحة النفسية

تعزيز الصحة النفسية في مرحلة ما قبل المدرسة يمهد الطريق لبناء شخصية الطفل وقدرته على مواجهة الحياة بتوازن نفسي وثقة. الأطفال الذين يحصلون على الدعم النفسي المناسب في هذه المرحلة يظهرون قدرات أكبر على التكيف، ويكونون أقل عرضة للضغوط النفسية والقلق.

يلعب الأهل دورًا كبيرًا في تحقيق هذا التوازن، إذ يمكنهم توفير بيئة داعمة تساعد الطفل على النمو العاطفي والنفسي بشكل صحي ومستقر. إن الاستثمار في صحة الطفل النفسية خلال هذه المرحلة المبكرة ليس مجرد خطوة نحو تنشئة طفل متوازن فحسب، بل هو خطوة نحو بناء مستقبل مليء بالثقة والقدرة على مواجهة التحديات بعقلية سليمة وروح مستقرة.

bassam@balsamhealthcare.com

Continue Reading

مقالات شائعة