يُعتبر نموذج التحول المرحلي (The Transtheoretical Model) أو ما يُعرف بنموذج مراحل التغيير، إطارًا شاملاً لدراسة وفهم عملية تغيير السلوكيات، خاصة تلك المتعلقة بالصحة.
تم تطوير هذا النموذج في أواخر السبعينيات بواسطة جيمس بروتشاسكا وكارلو ديكليمنتي، حيث كان الهدف الأساسي هو فهم عملية الإقلاع عن التدخين. ومع مرور الوقت، تم تطبيق هذا النموذج على مجموعة واسعة من السلوكيات، بما في ذلك تحسين النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، والإقلاع عن التدخين، وغيرها من العادات الصحية.
مراحل التغيير في نموذج التحول المرحلي
يفترض النموذج أن تغيير السلوك هو عملية تحدث على مراحل متعددة، يتم من خلالها التحول التدريجي من العادات الضارة إلى العادات الصحية:
1. مرحلة ما قبل التأمل (Precontemplation):
– في هذه المرحلة، لا يكون الأفراد مهتمين بتغيير سلوكهم، وقد لا يدركون حتى أن هناك حاجة للتغيير. على سبيل المثال، قد يكون الشخص غير نشط بدنيًا ولا يخطط لبدء ممارسة الرياضة في المستقبل القريب.
2. مرحلة التأمل (Contemplation):
– يبدأ الأفراد في هذه المرحلة بالتفكير في فوائد تغيير السلوكيات الضارة. على سبيل المثال، قد يدرك الشخص فوائد ممارسة الرياضة ويبدأ في التفكير بجدية في بدء نشاط بدني خلال الأشهر الستة المقبلة.
3. مرحلة الاستعداد (Preparation):
– يخطط الأفراد في هذه المرحلة للبدء في التغيير قريبًا. على سبيل المثال، قد يقوم الشخص بالانضمام إلى نادٍ رياضي أو شراء معدات لممارسة الرياضة.
4. مرحلة العمل (Action):
– تبدأ مرحلة العمل عندما يشرع الشخص بالفعل في ممارسة السلوك الجديد. على سبيل المثال، يبدأ الشخص بممارسة الرياضة بانتظام، ولكنه لم يصل بعد إلى مرحلة الثبات.
5. مرحلة الثبات (Maintenance):
– في هذه المرحلة، يكون السلوك الجديد قد أصبح جزءًا من الروتين اليومي للفرد. يواصل الشخص ممارسة السلوك الصحي، مثل ممارسة الرياضة بانتظام، ويعمل على منع الانتكاس.
6. مرحلة الإنهاء (Termination) :
– في هذه المرحلة، يصبح السلوك الصحي جزءًا لا يتجزأ من حياة الشخص، وتصبح احتمالية العودة إلى السلوك القديم ضئيلة جدًا.
تطبيقات عملية
يمكن تطبيق هذا النموذج بفعالية على مجموعة متنوعة من السلوكيات الصحية. على سبيل المثال:
– ممارسة الرياضة: يمكن استخدام النموذج لمساعدة الأفراد على بدء ومواصلة ممارسة الرياضة من خلال تصميم تدخلات تناسب المرحلة التي يمرون بها.
– الإقلاع عن التدخين: يمكن استخدام النموذج لتحليل وتطوير استراتيجيات تساعد المدخنين على الانتقال من التفكير في الإقلاع إلى التنفيذ والحفاظ على الامتناع عن التدخين.
– تحسين النظام الغذائي: يمكن تطبيق النموذج لمساعدة الأفراد على تبني أنماط غذائية صحية من خلال تحديد المرحلة التي يمرون بها وتقديم الدعم المناسب.
فوائد وتحديات النموذج
الفوائد:
– التخصيص: يسمح النموذج بتصميم تدخلات مخصصة تتناسب مع مرحلة التغيير التي يمر بها الفرد.
– الوقاية من الانتكاس: من خلال فهم أن الانتكاس جزء طبيعي من عملية التغيير، يمكن تقديم استراتيجيات لدعم الأفراد في تجاوز الانتكاس والاستمرار في التقدم.
التحديات:
– الانتقال بين المراحل: قد يكون من الصعب تحديد المرحلة التي يمر بها الفرد بدقة، مما يتطلب مرونة في النهج.
– الحفاظ على السلوك: الحفاظ على التغيير على المدى الطويل يتطلب تدخلات مستمرة ودعم متواصل لضمان النجاح.
أمثلة أخرى على النماذج المستخدمة في تغيير السلوك
– نموذج التعلم الاجتماعي (Social Learning Theory): يستخدم في تعليم الأفراد استراتيجيات جديدة من خلال مراقبة وتقليد نماذج إيجابية.
– نموذج تقليل الضرر (Harm Reduction Model): يُستخدم في برامج مكافحة الإدمان لتقليل الأضرار المرتبطة بالسلوكيات الضارة.
– نظرية السلوك المخطط (Theory of Planned Behavior): تحلل نوايا الفرد تجاه سلوك معين بناءً على مواقفه وتصوراته حول المعايير الاجتماعية والتحكم السلوكي.
– نموذج تحديد الأهداف (Goal Setting Theory): يركز على أهمية تحديد أهداف واضحة وقابلة للقياس لتحفيز التغيير السلوكي.
الاستدامة من أجل الصحة
يُعد نموذج التحول المرحلي أداة قوية لفهم وتحليل تغيير السلوكيات الصحية. من خلال تقسيم عملية التغيير إلى مراحل، يتيح النموذج للمختصين تصميم تدخلات تتناسب مع احتياجات الأفراد، مما يساعد في تحقيق تغيير مستدام في السلوكيات وتحسين جودة الحياة.
المصادر والمراجع
– Prochaska, J. O., & DiClemente, C. C. (1983). “Stages and processes of self-change of smoking: Toward an integrative model of change.” *Journal of Consulting and Clinical Psychology,* 51(3), 390-395.
– Ajzen, I. (1991). “The Theory of Planned Behavior.” *Organizational Behavior and Human Decision Processes,* 50(2), 179-211.