المنتدى الصحي

 أهمية دمج التثقيف الصحي ضمن المناهج التدريسية:

تمكين الأطفال من إدارة صحتهم وتحقيق الرفاهية

د.بسام درويش

نردد يومياً أن “كلفة المرض باهظة جداً وكلفة الوقاية منه زهيدة جداً”، وهذه المقولة ليست جديدة، بل تعكس إيماننا العميق بأهمية الوقاية كأولوية وليس المرض. ومن هذا المنطلق، أطلقنا عدة مبادرات مثل “بلا سكر أحلى”، و”صحتي ثروة لوطني”، و”الصحة بالعربي”، لأننا نؤمن أن المعرفة قوة، والصحة نعمة، والالتزام واجب وطني ، وصحتي ثروة لوطني .

ولا شك في أن التوعية في الصغر تعني صحة وحيوية في الكبر. لهذا السبب، نؤكد مراراً وتكراراً على ضرورة العمل مع بعض لكي يكونوا أطفالنا أصحاء، وليسوا بدناء أو يعانون من مشاكل صحية أو جسدية.

معا نمشي

لقد شاركنا منذ سنوات في مبادرة “معاً نمشي”، التي نظمتها الحملة الوطنية “2021 أطفالنا أصحاء”، والهدف من هذه المبادرات ليس أن تكون مؤقتة أو مقتصرة على أيام أو أسابيع، بل أن تكون بوصلة تضيء لنا الطريق نحو مستقبل صحي لأطفالنا.

لماذا يجب دمج التثقيف الصحي؟

يعد التثقيف الصحي عنصراً أساسياً في بناء مجتمعات صحية ورفاهية، وله تأثير كبير على حياة الأفراد. إدخال التثقيف الصحي ضمن المناهج الدراسية يعزز من وعي الأطفال بأهمية الصحة والعناية بها منذ الصغر، مما يمكنهم من اتخاذ قرارات صحية مستنيرة تعزز رفاهيتهم على المدى الطويل.

أهمية التثقيف الصحي للأطفال:

التثقيف الصحي في المدارس يوفر للأطفال المعلومات والمهارات اللازمة لإدارة صحتهم. من خلال التعلم عن التغذية السليمة، والنشاط البدني، والصحة النفسية، ومخاطر التدخين وتعاطي المخدرات، يصبح الأطفال أكثر قدرة على اتخاذ خيارات صحية تدعم نموهم وتطورهم بشكل سليم. كما يعزز التثقيف الصحي قدرة الأطفال على التعرف على المشكلات الصحية والاستجابة لها بطريقة مناسبة، مما يسهم في تقليل معدلات الأمراض وتحسين نوعية الحياة للأطفال.

تحقيق الرفاهية كجزء من أسلوب الحياة:

عندما يصبح التثقيف الصحي جزءاً من المناهج الدراسية، يتمكن الأطفال من تطوير نمط حياة صحي ومستدام. يساعد التثقيف الصحي الأطفال على تبني عادات غذائية سليمة، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والعناية بالصحة النفسية. هذه العادات، إذا غُرست في الأطفال منذ الصغر، تصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية، مما يساهم في تحقيق رفاهية مستدامة.

 دور المدارس والمجتمعات في تعزيز التثقيف الصحي

تلعب المدارس دوراً محورياً في تعليم الأطفال المهارات الحياتية اللازمة للحفاظ على صحتهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمجتمعات المحلية أن تلعب دوراً داعماً من خلال توفير بيئات تعليمية تعزز من مفهوم الصحة العامة والرفاهية.

 تشكيل لجنة وطنية

لتحقيق الرؤية بشكل كامل، من الضروري تشكيل لجنة وطنية تضم خبراء من مختلف القطاعات ذات الصلة. هذه اللجنة ستكون مسؤولة عن تصميم وتنفيذ استراتيجيات متكاملة تضمن أن التثقيف الصحي يحقق أقصى تأثير إيجابي على المجتمع. خصوصاً أن قواعد اللعبة قد تغيرت ، ولهذا يجب أن نقدم رسائل توعوية بطريقة جذابة وسهلة ومؤثرة .

إليك أهمية مشاركة كل قطاع في هذه اللجنة:

1. قطاع الصحة: يقدم الخبراء في الصحة المشورة العلمية ويضمنون أن المعلومات المقدمة للأطفال تستند إلى أحدث الأدلة الطبية والعلمية. سيكون دورهم حيوياً في تطوير محتوى تعليمي يعزز من الوقاية والعلاج المبكر للأمراض.

2. قطاع السلامة: يسهم في تعزيز الوعي بأهمية السلامة العامة في المنزل والمدرسة والأماكن العامة، مما يعزز الحماية من الحوادث والإصابات.

3. قطاع الإعلام: يلعب الإعلام دوراً رئيسياً في نشر رسائل التوعية الصحية على نطاق واسع، ويساهم في تصميم حملات توعوية متكاملة تدعم الأهداف التعليمية وتعزز من وعي المجتمع بأهمية التثقيف الصحي.

4. قطاع الشرطة: يعزز الوعي بالقوانين والأنظمة التي تحمي صحة وسلامة الأطفال والمجتمع، بما في ذلك مكافحة التدخين وتعاطي المخدرات.

5. البلدية وقطاع الطرق والمواصلات: يعمل على ضمان بيئة مدرسية آمنة وصحية من خلال تحسين البنية التحتية مثل توفير ممرات مشاة آمنة ومساحات خضراء، لدعم الأطفال في تبني أنماط حياة نشطة وصحية.

 التكامل والتعاون

عند تشكيل لجنة وطنية تضم كوادر من مختلف القطاعات، يمكن تحقيق تكامل حقيقي بين التثقيف الصحي والسياسات الوطنية الأخرى. هذا التكامل يضمن توجيه الموارد والخبرات نحو هدف مشترك، وهو تحسين جودة الحياة للأطفال والمجتمع بشكل عام. تعمل هذه اللجنة على تنسيق الجهود وتوحيد الرؤية نحو بناء جيل جديد قادر على إدارة صحته بشكل فعّال.

 التمكين من خلال التثقيف الصحي

إن دمج التثقيف الصحي في المناهج الدراسية هو خطوة مهمة نحو بناء مستقبل أفضل للأطفال. ولضمان نجاح هذه المبادرة، يجب تشكيل لجنة وطنية تضم خبراء من مختلف القطاعات. من خلال التعاون والتكامل، يمكن تحقيق رؤية شاملة تسهم في تحسين صحة ورفاهية المجتمع بشكل مستدام. التمكين من خلال التثقيف الصحي هو الطريق الأمثل لضمان أن أطفالنا يكبرون بصحة جيدة وجسم سليم، بعيدًا عن البدانة والمشاكل الصحية الجسدية والنفسية، مما يعزز رفاهيتهم وسلامتهم بشكل مستدام.

bassam@balsamhealthcare.com

مقالات شائعة

Exit mobile version