المنتدى الصحي

أهمية رسم خريطة رحلة المريض:

 رؤى للرؤساء التنفيذيين للمستشفيات

د. بسام درويش

مستشار الإعلام الصحي والتطوير الطبي

كثيرًا ما نسمع أو نقرأ الشعار التالي “المريض أولًا ” ، حيث يحتل الواجهة الأمامية في المستشفى ، ولكن المريض قد يصطدم بذلك الشعار الذي لا يعكس الحقيقة . وبيقى السؤال ” لماذا ؟”

في عالم الرعاية الصحية المعقد والمتغير باستمرار، يُعتبر ضمان تجربة إيجابية للمريض أمرًا حاسمًا لنجاح المستشفيات ورضا المرضى. إحدى الأدوات الأساسية لتحقيق هذا الهدف هي خريطة رحلة المريض. بدونها، قد تبدو المستشفيات للوهلة الأولى كفنادق خمس نجوم، ولكن سرعان ما تنهار هذه النجوم في إحدى محطات رحلة المريض، والحل ليس صعبًا، لكنه يتطلب قراءة الواقع وليس قراءة التقارير.

ذكريات وتجارب

يتطلب عملي في تقييم أي عيادة صغيرة أو مستشفى كبير القيام بمهمة ” المريض السري ” ، ومن خلال تجاربي في هذا المجال أكتشف أن تغييرات بسيطة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا ، وفي هذا المجال أتذكر زيارتي الأولى لمستشفى ويلكير عند افتتاحه الرسمي، حيث فوجئت برؤية الرئيس التنفيذي للمجموعة المالكة للمستشفى ، السيد سوني فاركي، جالسًا في زاوية قسم الاستقبال، ولم يكن في مكتبه الفخم. حينها، قلت له إن هذا المستشفى سينجح، لأنه يراقب بنفسه سير الأمور من زاوية حيوية ولا ينتظر التقارير المزخرفة.

بعد خمس سنوات، حضرت حفل الذكرى السنوية للمستشفى، حيث تم الإعلان عن مكافآت سخية للموظفين، مما يعكس التقدير الحقيقي لجهودهم. واليوم، نرى مجموعة ميدكلينيك تقدم خدمات متميزة نتيجة هذا النهج التفاعلي والإداري.

من جهة أخرى، أرسلت رسالة إلى صاحب إحدى المجموعات الطبية الكبيرة حول شكاوى المرضى، وكان رده أنه لا يريد سماع مثل هذه الرسائل أو الشكاوي ، وفي المقابل، زرت يوم أمس مستشفى التداوي في دبي، واللافت للانتباه أن الرئيس التنفيذي  مروان ناصر يعرض رقمه الخاص للتواصل المباشر في حال وجود أي ملاحظة او تقصير أو شكوى ، مما يعكس قيمة التواصل المفتوح.

فهم خريطة رحلة المريض

خريطة رحلة المريض هي تمثيل مرئي لتجربة المريض أثناء تنقله عبر نظام الرعاية الصحية. توضح هذه الخريطة كل نقطة اتصال، من الاتصال الأولي إلى المتابعة بعد العلاج، مع تسليط الضوء على نقاط الألم والفرص للتحسين. هذه الأداة تساعد مقدمي الرعاية الصحية على فهم وتحسين تجربة المريض، لضمان حصول المرضى على رعاية فعالة ومتعاطفة.

تجربة مريض مجزأة

بدون خريطة واضحة، يواجه المرضى عملية رعاية صحية غير مترابطة ومربكة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإحباط والقلق والشعور بالإهمال، مما يؤثر سلبًا على تجربتهم العامة.

عدم الكفاءة في تقديم الرعاية

 يؤدي عدم وجود رحلة منظمة إلى عدم الكفاءة مثل فترات الانتظار الطويلة، والأعمال الورقية المكررة، وسوء التواصل بين الأقسام. هذه العيوب لا تضيع الوقت فحسب، بل تقلل أيضًا من جودة الرعاية.

زيادة خطر الأخطاء

بدون فهم متماسك لرحلة المريض، هناك خطر أكبر لحدوث أخطاء في التشخيص والعلاج والمتابعة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى نتائج صحية سلبية وقضايا قانونية محتملة للمستشفى.

انخفاض رضا واحتفاظ المرضى

 يمكن أن تؤدي تجربة المريض السيئة إلى انخفاض درجات الرضا وولاء المرضى. في سوق الرعاية الصحية التنافسية، يمكن أن يؤثر ذلك بشكل كبير على سمعة المستشفى وأدائها المالي.

احتراق الموظفين

 قد يشعر موظفو الرعاية الصحية بالإحباط والاحتراق بسبب نقص عملية واضحة وفعالة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى معدلات دوران عالية وانخفاض جودة رعاية المرضى.

وهذا الأمر يعاني منه الموظف الإداري ، والتمريض والأطباء أيضًا ، وهذه مشكلة يجب حلّها لتحسين الأداء .

هل يعرف الرئيس التنفيذي سبب الفشل؟

تقع مسؤولية فهم ومعالجة هذه القضايا في النهاية على عاتق الرئيس التنفيذي للمستشفى. ومع ذلك، يتطلب تحديد السبب الجذري لتجربة المريض الفاشلة الغوص العميق في الجوانب التشغيلية والثقافية للمستشفى.

ويبقى السؤال ” هل الرئيس التنفيذي ينزل إلى الميدان ، أم يكتفي في قراءة التقارير الواردة إلى مكتبه الفخم ، أو يمضي جلّ وقته في الاجتماعات خلف الأبواب المغلقة ؟

مثلا :

قد لا يكون الرئيس التنفيذي على دراية كاملة بمدى المشكلات إذا لم تكن هناك آليات فعالة للتواصل والإبلاغ داخل المستشفى.

مقاومة التغيير

 حتى لو كان على دراية، قد يواجه الرئيس التنفيذي مقاومة من الموظفين والإدارة الذين اعتادوا على العمليات الحالية. إدارة التغيير مهارة حاسمة في التغلب على هذا العائق. وقد يقوم بعض الموظفين بإخفاء الحقائق كيلا تصل إلى الرئيس التنفيذي.

نقص البيانات

 بدون بيانات دقيقة وملاحظات من المرضى، من الصعب تحديد نقاط الألم المحددة في رحلة المريض. يعد تنفيذ جمع البيانات وتحليلها الشاملين أمرًا ضروريًا.

التركيز على الحسابات المالية على حساب رعاية المرضى

 في بعض الأحيان، قد تعطي القيادة في المستشفى الأولوية للمقاييس المالية على حساب تجربة المرضى. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي التركيز على رضا المرضى إلى نتائج مالية أفضل على المدى الطويل.

تطوير خريطة رحلة المريض

 يجب أن يتعاون قادة المستشفيات مع محترفي الرعاية الصحية والمرضى لإنشاء خريطة مفصلة لرحلة المريض. يشمل ذلك فهم كل نقطة اتصال وتحديد مجالات التحسين.

تنفيذ برامج تدريبية

 يجب تدريب الموظفين على فهم واستخدام خريطة رحلة المريض، لضمان قدرتهم على المساهمة في تجربة مريض سلسة.

الاستثمار في التكنولوجيا

يمكن أن يساعد استخدام التكنولوجيا مثل السجلات الصحية الإلكترونية والبوابات الإلكترونية للمرضى في تبسيط العمليات وتحسين التواصل.

جمع وتحليل الملاحظات

 يمكن أن يوفر جمع وتحليل ملاحظات المرضى بانتظام رؤى حول تجربة المريض، مما يساعد على تحديد المشكلات ومعالجتها بسرعة.

تعزيز ثقافة” المريض أولًا”

 يجب على قيادة المستشفى تعزيز ثقافة تضع رعاية المرضى في المقام الأول وتشجع على التحسين المستمر.

كيف؟

بدون خريطة رحلة المريض، تخاطر المستشفيات بتقديم تجربة مريض مجزأة وغير فعالة. من الضروري أن يدرك الرؤساء التنفيذيون للمستشفيات أهمية هذه الأداة ويتخذوا خطوات استباقية لتنفيذها بفعالية. من خلال القيام بذلك، يمكنهم ضمان رعاية عالية الجودة، وزيادة رضا المرضى، وتحقيق نتائج أفضل بشكل عام للمستشفى.

وعادة تقييم تجربة المريض يفضل أن تتم من خلال خبراء متخصصين من خارج المستشفى من أجل رؤية المشهد الصحي بطريقة مختلفة ، وتقديم خطة العمل لتصحيح المسار ، وهذا ما نقوم به من خلال بلسم لتطوير الرعاية الصحية ، إذ لا نكتفي بالتحليل بل الحلول العملية ، والتدريبية من خلال أكاديمية بلسم للتعليم الطبي والتدريب والبحوث.

مقالات شائعة

Exit mobile version