المنتدى الصحي

اختبار كورونا .. بين العلاج و اللقاح والالتزام

بقلم : د.بسام درويش

مستشار في الإعلام الصحي

مقدم برنامج بلسم لتعزيز الصحة على إذاعة نور دبي

بين الصحة والمرض خيط شفاف يٌحَسّ ولا يُرى ، وهذا يدفعنا لنتذكر بعض الأمثال القديمة المتجددة دوماً ” درهم وقاية خير من قنطار علاج ” ، و ” الصحة تاج على رؤوس الأصحاء ، لا يراه إلا المرضى ”  و ” العقل السليم في الجسم السليم “، كم سمعنا بهذه الأمثال دون أن نتوقف ولو بُرهة قصيرة عندها ، فهل آن الأوان لنتفكّر ونعيد التفكير في نعمة الصحة التي لا تتطلب منّا إلا اتخاذ قرارات بسيطة تتمثل في قواعد الصحة العامة ، وأبسطها على الإطلاق ” غسيل اليدين” ،و” غسيل العقول” من الشوائب، من خلال التسلح بالمعرفة لأن المعرفة أساس التوعية ، والتوعية هي الخطوة الأولى للوقاية من أخطر الأمراض والسيطرة عليها ، بدلاًمن التفكير بـما هو وراء كورونا ، وهل مصدره صيني أم مقلّد ـ أم غير ذلك ؟

أيّاً كان ” كورونا “مصدره ، ما يهمّني كفرد واعي في المجتمع ، أن أطرح على نفسي هذه التساؤلات وأجيب عليها بحكمة المتبصّر ، ومن هذه التساؤلات نذكر:

  • هل الفيروس مثبت علمياً أنه موجود ؟ والجواب ” نعم ” .
  • هل لهذا الفيروس أي لقاح للوقاية منه ؟ والجواب لغاية الآن ” لا ” ، وهناك العديد من الباحثين الذين يعملون على تطوير لقاح بعد اختباره على الحيوان ومن ثم البشر.
  • هل لهذا الفيروس علاج ؟ والجواب ” نعم وهناك دراسات عديدة جداً وباحثين يعلمون على تطوير أفضل الوسائل العلاجية “.

ويبقى السؤال الأهم:

 ما العمل ؟

مما لاشك فيه أن هذا الفيروس باعتباره جديداً ، فهو يحتاج إلى تضافر جهودنا جميعاً مع بعضنا البعض لكي يتحقق الهدف ، و الصحة ليست مسؤولية المؤسسات الصحية فقط ، بل هي مهمتنا جميعاً .

ولأن مشكلتنا الأساسية لم تكن مع ” كورونا وأخواتها ” ، بل ” طريقة تعاطينا الخاطئة معها ” ، وهذا ما أدركته اللجنة التي تدير الأزمة في دولة الإمارات العربية المتحدة ، فمنذ بداية الأزمة ، قامت بتقديم المساعدات لمن هم خارج أراضيها ، ولم تكتف بذلك بل قامت ببثّ رسائل بعثت الطمأنينة لجميع أفراد المجتمع ، سواء الرسائل الإيجابية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ،  الذي تسابق دائماً أفعاله أقواله من خلال المتابعة الحثيثة لكل ما يتعلق بهذه المرحلة ،  أو من خلال رسائل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ” الغذاء كما الدواء خط أحمر” ، و” لا تشيلون همّ “. هذه الرسائل تحمّلنا مسؤولية كبيرة وتدفعنا إلى الالتزام بالإرشادات، لأنه كلما التزمنا أكثر ساهم هذا الأمر في نجاح الخطة الوطنية ، وفي تخفيف الأعباء على العاملين في الخطوط الأمامية الذين يعملون على مدار الساعة تحت ضغوط عديدة ، بما في ذلك ابتعادهم عن أسرهم وأحبتهم .

إذاً الالتزام ثم الالتزام ثم الالتزام

كيف؟

على كل فرد أن يمارس دوره الواعي ويبرزه ليس في نقل الشائعات أو التسابق في نقل الأخبار ، بل في نشر المعرفة وليس الخوف ، من خلال الحصول على المعلومات من المصادر الرسمية للمؤسسات الصحية ، وزارة الصحة ووقاية المجتمع ، ومنظمة الصحة العالمية ، وليس من خلال وسائل التواصل الإجتماعي ، أو وسائل الإعلام المختلفة التي باتت تنقل لنا الأرقام والوفيات وكأن مهمتها اقتصرت على جرد الحساب فقط .

مسؤولية والتزام

الإعلام مهمّته أسمى بذلك بكثير ، وليس المهم في هذه المرحلة الحسّاسة وفي أي أزمة أن تصبح نجماً في وسائل التواصل الاجتماعي ، بل المهم أن يسطع نجمك في سماء الوطن الغالي ، لأن الوطن أمانة و الصحة نعمة – كم من شعوب قد فقدت أوطانها وشردت أبناءها لأنهم لم يدركوا قيمة قطرة الماء إلا بعد جفّ النبع – وهي مسؤوليتنا جميعاً . و في هذه المرحلة ليتذكر كل  واحد منّا أن دوره جوهري ، و أساسي ، وليتذكر كل واحد منا أنه كلما التزم أكثر ، ساهم ذلك في تخفيف الأعباء على الذين يعملون في الخطوط الأمامية ، على مدار الساعة ، وهم منقطعين عن أحبتهم وأسرهم ، بهدف حمايتك أنت أولاً ، فساهم في حمايتهم ، لأن وجودهم في الصفوف الأمامية مثل الجنود في أرض المعركة ، يخرجون من أجل الدفاع عن أمن وأمان هذه الأرض الطيبة الغنية بثرواتها البشرية والمعرفية قبل المادية.

لا شك أن لدولة الإمارات العربية المتحدة تجارب سابقة في تحويل التحديات إلى فرص ، ومن يعود بذاكرته إلى الوراء لعامي 2008 و 2009 ، حيث ترافقت الأزمة المالية مع انتشار وباء H1N1 ، وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة هي أول دولة وفرت اللقاح دون تأخير ، وفي الأوقات المحددة لمشاريع حيوية تم الإعلان عن برج خليفة وعن المترو واستمرت الحياة لأنه كما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ” الأمم الحية لا تيأس من التحديات “ ، و ” في سباق التحدي ، لا خطّ للنهاية “ . وأنتم أحبّتي أينما كنتم أنتم حلقة أساسية في هذا الخط الذي لا يعرف المستحيل. وأنتم نبض هذا الوطن الذي ينبض بالمحبة ويفيض بالعطاء الذي يتخطى الحدود.

اللهم أدم نعمة الأمن والأمان ودوام الصحة والسلام.

مقالات شائعة

Exit mobile version