بين الصحة والمرض خيط شفاف يٌحَسّ ولا يُرى ، وهذا يدفعنا لنتذكر بعض الأمثال القديمة المتجددة دوماً ” درهم وقاية خير من قنطار علاج ” ، و ” الصحة تاج على رؤوس الأصحاء ، لا يراه إلا المرضى ” و ” العقل السليم في الجسم السليم “، كم سمعنا بهذه الأمثال دون أن نتوقف ولو بُرهة قصيرة عندها ، فهل آن الأوان لنتفكّر ونعيد التفكير في نعمة الصحة التي لا تتطلب منّا إلا اتخاذ قرارات بسيطة تتمثل في قواعد الصحة العامة ، وأبسطها على الإطلاق ” غسيل اليدين” ،و” غسيل العقول” من الشوائب، من خلال التسلح بالمعرفة لأن المعرفة أساس التوعية ، والتوعية هي الخطوة الأولى للوقاية من أخطر الأمراض والسيطرة عليها ، بدلاًمن التفكير بـما هو وراء كورونا ، وهل مصدره صيني أم مقلّد ـ أم غير ذلك ؟
أيّاً كان ” كورونا “مصدره ، ما يهمّني كفرد واعي في المجتمع ، أن أطرح على نفسي هذه التساؤلات وأجيب عليها بحكمة المتبصّر ، ومن هذه التساؤلات نذكر:
هل الفيروس مثبت علمياً أنه موجود ؟ والجواب ” نعم ” .
هل لهذا الفيروس أي لقاح للوقاية منه ؟ والجواب لغاية الآن ” لا ” ، وهناك العديد من الباحثين الذين يعملون على تطوير لقاح بعد اختباره على الحيوان ومن ثم البشر.
هل لهذا الفيروس علاج ؟ والجواب ” نعم وهناك دراسات عديدة جداً وباحثين يعلمون على تطوير أفضل الوسائل العلاجية “.
ويبقى السؤال الأهم:
ما العمل ؟
مما لاشك فيه أن هذا الفيروس باعتباره جديداً ، فهو يحتاج إلى تضافر جهودنا جميعاً مع بعضنا البعض لكي يتحقق الهدف ، و الصحة ليست مسؤولية المؤسسات الصحية فقط ، بل هي مهمتنا جميعاً .
ولأن مشكلتنا الأساسية لم تكن مع ” كورونا وأخواتها ” ، بل ” طريقة تعاطينا الخاطئة معها ” ، وهذا ما أدركته اللجنة التي تدير الأزمة في دولة الإمارات العربية المتحدة ، فمنذ بداية الأزمة ، قامت بتقديم المساعدات لمن هم خارج أراضيها ، ولم تكتف بذلك بل قامت ببثّ رسائل بعثت الطمأنينة لجميع أفراد المجتمع ، سواء الرسائل الإيجابية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ، الذي تسابق دائماً أفعاله أقواله من خلال المتابعة الحثيثة لكل ما يتعلق بهذه المرحلة ، أو من خلال رسائل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ” الغذاء كما الدواء خط أحمر” ، و” لا تشيلون همّ “. هذه الرسائل تحمّلنا مسؤولية كبيرة وتدفعنا إلى الالتزام بالإرشادات، لأنه كلما التزمنا أكثر ساهم هذا الأمر في نجاح الخطة الوطنية ، وفي تخفيف الأعباء على العاملين في الخطوط الأمامية الذين يعملون على مدار الساعة تحت ضغوط عديدة ، بما في ذلك ابتعادهم عن أسرهم وأحبتهم .
إذاً الالتزام ثم الالتزام ثم الالتزام
كيف؟
على كل فرد أن يمارس دوره الواعي ويبرزه ليس في نقل الشائعات أو التسابق في نقل الأخبار ، بل في نشر المعرفة وليس الخوف ، من خلال الحصول على المعلومات من المصادر الرسمية للمؤسسات الصحية ، وزارة الصحة ووقاية المجتمع ، ومنظمة الصحة العالمية ، وليس من خلال وسائل التواصل الإجتماعي ، أو وسائل الإعلام المختلفة التي باتت تنقل لنا الأرقام والوفيات وكأن مهمتها اقتصرت على جرد الحساب فقط .
مسؤولية والتزام
الإعلام مهمّته أسمى بذلك بكثير ، وليس المهم في هذه المرحلة الحسّاسة وفي أي أزمة أن تصبح نجماً في وسائل التواصل الاجتماعي ، بل المهم أن يسطع نجمك في سماء الوطن الغالي ، لأن الوطن أمانة و الصحة نعمة – كم من شعوب قد فقدت أوطانها وشردت أبناءها لأنهم لم يدركوا قيمة قطرة الماء إلا بعد جفّ النبع – وهي مسؤوليتنا جميعاً . و في هذه المرحلة ليتذكر كل واحد منّا أن دوره جوهري ، و أساسي ، وليتذكر كل واحد منا أنه كلما التزم أكثر ، ساهم ذلك في تخفيف الأعباء على الذين يعملون في الخطوط الأمامية ، على مدار الساعة ، وهم منقطعين عن أحبتهم وأسرهم ، بهدف حمايتك أنت أولاً ، فساهم في حمايتهم ، لأن وجودهم في الصفوف الأمامية مثل الجنود في أرض المعركة ، يخرجون من أجل الدفاع عن أمن وأمان هذه الأرض الطيبة الغنية بثرواتها البشرية والمعرفية قبل المادية.
لا شك أن لدولة الإمارات العربية المتحدة تجارب سابقة في تحويل التحديات إلى فرص ، ومن يعود بذاكرته إلى الوراء لعامي 2008 و 2009 ، حيث ترافقت الأزمة المالية مع انتشار وباء H1N1 ، وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة هي أول دولة وفرت اللقاح دون تأخير ، وفي الأوقات المحددة لمشاريع حيوية تم الإعلان عن برج خليفة وعن المترو واستمرت الحياة لأنه كما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ” الأمم الحية لا تيأس من التحديات “ ، و ” في سباق التحدي ، لا خطّ للنهاية “ . وأنتم أحبّتي أينما كنتم أنتم حلقة أساسية في هذا الخط الذي لا يعرف المستحيل. وأنتم نبض هذا الوطن الذي ينبض بالمحبة ويفيض بالعطاء الذي يتخطى الحدود.