المنتدى الصحي

التعليم والصحة:

اقتصاد مزدهر ورفاهية للمجتمع وثروة للوطن

د. بسام درويش

مستشار في الإعلام الصحي والتطوير الطبي

عندما نبحث عن السبل التي تقود إلى اقتصاد مزدهر، لا يمكن إغفال الدور الحيوي الذي يلعبه كل من التعليم والصحة. هذان القطاعان ليسا مجرد أساس النمو الاقتصادي، بل هما ركيزتان لرفاهية الأفراد وتعزيز جودة حياتهم. بعد جائحة كورونا، أصبح واضحًا أن الاستثمار في التعليم والصحة ليس خيارًا بل ضرورة، لبناء مجتمعات قوية قادرة على التكيف مع التحديات والمضي قدمًا نحو مستقبل مشرق.

 بناء الأجيال المستقبلية

التعليم هو المحرك الأساسي لأي اقتصاد مزدهر. إذ لا يقتصر دوره على تزويد الأفراد بالمهارات والمعرفة اللازمة لسوق العمل، بل يسهم في بناء مجتمع واعٍ قادر على التعامل مع مختلف التحديات بما في ذلك الصحية والاجتماعية وغيرها .  ولهذا يتعين على القائمين على المناهج التعليمية أن يعيدوا التفكير والتقييم ليس فقط على الجوانب الأكاديمية في التعليم بل أيضًا على التربية والصحة والوقاية.

إذ أن تعليم الأطفال في المدارس الابتدائية والثانوية حول أهمية الغذاء الصحي، النشاط البدني، والصحة النفسية يعد استثمارًا طويل الأمد في الصحة العامة، كونه يساهم ذلك في خلق عادات صحية تدوم مدى الحياة وتكون الأسرة لها قوة محصنة .

 الصحة: ركيزة رفاهية المجتمع

الصحة هي حجر الزاوية في رفاهية الأفراد والمجتمعات. عندما يكون المجتمع بصحة جيدة، ينعكس ذلك بشكل مباشر على زيادة الإنتاجية وتقليل النفقات الصحية المرتبطة بالأمراض المزمنة ، خصوصاً أن الذين يعملون في الاقتصاد الصحي يدركون تماماً أن ( كلفة المرض باهظة جداً ، وكلفة الوقاية منه زهيدة جداً ).

الوقاية هي المفتاح هنا؛ وهذا ما نسعى إليه من خلال مبادرة ” صحتي ثروة لوطني ” من أجل تبني سياسات صحية تركز على تعزيز أنماط الحياة الصحية وتقليل مخاطر الأمراض المزمنة لا يعزز فقط جودة الحياة، بل يوفر أيضًا تكاليف طبية ضخمة يمكن استثمارها في قطاعات أخرى مثل التعليم والبنية التحتية.

 العلاقة بين التعليم والصحة

التعليم والصحة وجهان لعملة واحدة اسمها ) الرفاهية ) ، و لا شك بأن العلاقة بين التعليم والصحة هي علاقة متكاملة، حيث يؤثر كل منهما على الآخر بشكل مباشر. الفرد الذي يتلقى تعليمًا جيدًا يكون أكثر وعيًا بأهمية الوقاية والرعاية الصحية. في المقابل، الشخص الذي يتمتع بصحة جيدة يكون أكثر قدرة على التعلم والعمل بفعالية. لذلك، الاستثمار في هذين القطاعين معًا هو استثمار في بناء مجتمع متماسك ومستدام.

 الإمارات: نموذج للانتصار للعلم والأخلاق

أثناء جائحة كورونا، قدمت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجًا رائدًا في كيفية الانتصار للعلم والأخلاق. ففي الوقت الذي فشلت دولاً كبرى في إدارة ) الأزمة ) استطاعت قيادة حكومة دولة الإمارات مواجهة الأزمة بمرونة وسرعة في اتخاذ القرارات المستندة إلى الدراسات الميدانية والبحوث العلمية، مما ساعد على الحد من انتشار الفيروس وتقديم الرعاية الصحية لكافة أفراد المجتمع. وبهذا الصدد ما زلنا نذكر كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بكلمات نابعة من القلب ) لا تشلّون همّ ) ، و ) الدواء والغذاء خط أحمر في دولة الإمارات العربية المتحدة ، و أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بقوله: )الصحة قبل الاقتصاد… الصحة أولاً، وثانيًا، وثالثًا… ولولا الصحة ما كان هناك اقتصاد ولا استقرار)، على أن أولوية الصحة تمثل الأساس الذي يقوم عليه استقرار المجتمعات وازدهارها.

  الوقاية أولاً

من المهم أن يتم تتويج هذا النجاح بسلسلة من التحديثات في المناهج التعليمية الأساسية والأكاديمية الطبية والأنظمة الصحية والقوانين المتعلقة بالصحة العامة، إذ أن تكلفة الوقاية زهيدة للغاية مقارنةً بتكاليف علاج الأمراض ، والخسائر البشرية قبل المادية بسبب الإهمال من قبل الأفراد ، و التأخر في التشخيص ، وعدم القيام بفحوصات دورية باعتبار أن ) التشخيص الباكر يقي من المخاطر ) ، ولهذا من المفيد جداً التركيز على بناء سياسات صحية تعزز من الوعي بأهمية الوقاية وتسهّل الوصول إلى الرعاية الصحية المبكرة. هذه السياسات لن تخفف فقط من الأعباء الاقتصادية، بل ستسهم في خلق مجتمع أكثر صحة ورفاهية.

 نحو مستقبل مستدام

التعليم والصحة هما وجهان لعملة واحدة، يمثلان الأساس لبناء مجتمع مزدهر واقتصاد قوي. وهي دعوة للمستثمرين في القطاع الصحي من الإماراتيين وغيرهم للاستثمار في المشاريع الصحية و التعليمية ، مع إمكانية التطوير من خلال الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي ، و لاشك أن الاستثمار في هذا المجال  هو استثمار مطلوب وآمن وهو مسؤولية مجتمعية أيضا ، إذ أن الأفراد حينما يتمتعون بصحة جيدة يكونون أكثر قدرة على المساهمة في بناء المجتمع.

إن تحقيق رفاهية المجتمع يبدأ بتعزيز الوقاية والتعليم الصحي الشامل، و أخيراً لا بد من التأكيد على أهمية الأخلاق والعلم في جميع القرارات التي تتعلق بصحة وسلامة المجتمع .

ونحن من خلال مجموعة شركات بلسم لتطوير الرعاية الصحية ، وأكاديمية بلسم للتعليم الطبي والبحوث مستعدين لتقديم خلاصة ما لدينا من أجل التطوير والاستثمار في المعرفة والصحة من أجل خدمة الإنسان ، خصوصاً أن ( الصحة للجميع ، ومن خلال الجميع ) .

bassam@balsamhealthcare.com

مقالات شائعة

Exit mobile version