د.بسام درويش
مستشار في الإعلام الصحي والتطويرالطبي
الصحة هي أعظم نعمة يمتلكها الإنسان، ولكن للأسف، لا ندرك قيمتها إلا حين التعرض للمرض ، مثل قطرة الماء لا نقدر قيمة قطرة الماء إلا بعد أن يجف النبع ، ونسمع تبريرات كثيرة حينما نسأل أي شخص عما إذا كان يزور الطبيب بشكل دوري للاطمئنان على صحته ، ومن أجل تطوير نمط حياته ، حصوصا أننا نعيش في عصر مليء بالضغوطات اليومية، ورغم أن هذا هو دافع أساسي للزيارات الدورية وإدارة حياتنا الصحية ،ولكن يبدو- وفق ما يعتقد الكثير من الأشخاص – أنه مانع وليس دافع ، فتسارع الحياة اليومية ، وزيادة الضغوطات والصراع مع أهداف قد لا تبدو قابلة للتحقيق ، يجعلنا نغفل عن الاهتمام بصحتنا البدنية والنفسية. هنا تأتي العافية كعنصر حاسم لا يتعلق فقط بتجنب المرض، بل بتعزيز جودة حياتنا الشاملة.
ما هي العافية؟
العافية هي مفهوم شامل يتجاوز غياب الأمراض لتشمل التوازن في جميع جوانب الحياة: البدنية، العقلية، النفسية، والاجتماعية. العافية لا تعني فقط أن نكون “أصحاء” من الناحية الجسدية، بل أن نشعر أيضًا بالسعادة والرضا عن حياتنا. تشمل العافية جوانب مثل التغذية السليمة، التمارين الرياضية، الصحة النفسية، العلاقات الاجتماعية، وحتى كيفية إدارة التوتر.
أهمية العافية في حياتنا العصرية
1. تحسين الصحة العامة
في عصرنا الحديث، العافية ليست رفاهية بل ضرورة. مع نمط الحياة السريع، نحتاج إلى التوازن بين العمل، الحياة الاجتماعية، والراحة. تبني نمط حياة صحي يشمل التغذية الجيدة والنشاط البدني المنتظم يمكن أن يحسن صحتنا العامة ويقينا من الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب.
2. الوقاية أفضل من العلاج
أحد أهم مزايا العافية هو الوقاية. في الوقت الذي يركض فيه الكثيرون لعلاج الأمراض بعد ظهورها، يوفر التركيز على العافية أدوات للوقاية من تلك الأمراض. من خلال الفحوصات الدورية والتغييرات البسيطة في أسلوب الحياة، يمكننا تجنب العديد من المشاكل الصحية قبل أن تبدأ.
3. الصحة النفسية والعافية
مع تزايد الضغوطات النفسية في حياتنا اليومية، أصبحت الصحة النفسية جزءًا لا يتجزأ من مفهوم العافية. العافية النفسية تعني القدرة على مواجهة التحديات النفسية والتعامل مع التوتر بطريقة صحية، مما يقلل من فرص الإصابة بالاكتئاب أو القلق.
4. تعزيز الأداء والإنتاجية
عندما نتمتع بالعافية، نصبح أكثر تركيزًا ونشاطًا في حياتنا اليومية. سواء كنت في مكان العمل أو الدراسة، العافية تساعدك على تقديم أفضل ما لديك من خلال تحسين مستوى الطاقة والتركيز.
5. العلاقات الاجتماعية والرفاهية
العافية لا تتعلق فقط بالجسد أو العقل، بل تمتد إلى علاقاتنا الاجتماعية. الأفراد الذين يتمتعون بصحة نفسية وجسدية جيدة هم أكثر قدرة على بناء علاقات صحية وقوية مع الآخرين، مما يساهم في رفع مستوى الرضا والسعادة.
أهمية العافية في مكان العمل
في ظل تزايد الاهتمام بتعزيز صحة الموظفين، بدأت الشركات تتبنى برامج العافية كجزء من استراتيجيتها العامة. فوائد هذه البرامج تتجاوز تحسين صحة الموظفين لتشمل:
– تقليل الغياب عن العمل: الموظفون الذين يتمتعون بعافية جيدة يميلون إلى الغياب أقل بسبب المرض.
– زيادة الإنتاجية: العافية تؤدي إلى تحسين الحالة النفسية والجسدية للموظفين، مما يزيد من إنتاجيتهم ويقلل من الأخطاء.
– رفع الروح المعنوية: برامج العافية تساهم في رفع مستوى الرضا الوظيفي وتعزيز الروح الإيجابية في بيئة العمل.
– تقليل تكاليف الرعاية الصحية: الشركات التي تستثمر في العافية تجد أنها توفر في تكاليف الرعاية الصحية على المدى الطويل، حيث يقل عدد الموظفين الذين يحتاجون إلى رعاية طبية مكثفة.
العافية في حياتنا الشخصية
تحقيق العافية في حياتنا اليومية ليس أمرًا معقدًا. يمكننا البدء بخطوات بسيطة مثل:
– ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: النشاط البدني يعزز الصحة الجسدية ويقلل من التوتر.
– اتباع نظام غذائي متوازن: الأطعمة الصحية المتوفرة في نظام البحر الأبيض المتوسط ، تساهم في تحسين مستويات الطاقة والتركيز.
– الاهتمام بالصحة النفسية: تخصيص وقت للاسترخاء والتأمل يساعد في تحسين المزاج والصحة النفسية.
– التواصل الاجتماعي: العلاقات القوية مع الأصدقاء والعائلة تعزز الشعور بالدعم والانتماء.
حياة سعيدة ومديدة
العافية هي أكثر من مجرد غياب المرض؛ هي رحلة نحو تحسين جميع جوانب حياتنا. من خلال تبني مفهوم العافية في حياتنا اليومية وفي أماكن العمل، يمكننا أن نعيش حياة أكثر صحة، سعادة، وإنتاجية. تذكر أن الصحة نعمة عظيمة، والعافية هي الطريق للحفاظ عليها وتنميتها.
ويبقى السؤال :
هل أنت مستعد لتبني العافية في حياتك؟
bassam@balsamhealthcare.com