د.بسام درويش
مستشار في الإعلام الصحي والتطوير الطبي
منذ إطلاقه قبل عدة سنوات، أصبح تطبيق تيك توك واحدًا من أسرع التطبيقات نموًا وانتشارًا بين المستخدمين حول العالم، خاصة بين فئات الأطفال والشباب والمراهقين.
ومع تزايد استخدامه، أصبح هذا التطبيق يشكل مصدرًا هامًا للمعلومات والترفيه. ولكن هل هذه المعلومات صحيحة ، وهل هي موثوق بها ، وتساؤلات عديدة تدور في أذهاننا بهدف الحصول على إجابات شافية .ومع تزايد شعبيته أصبح تيك توك موضع تساؤل وقلق متزايد على صحتنا، لا سيما مع انتشار المفاهيم الصحية المضللة والمعلومات غير الموثوقة، إضافة إلى التحديات الخطيرة التي قد لا تلائم قيمنا، ولا تتماشى مع الأخلاق أو العلوم الطبية.
تثقيف أم تضليل وترويج
مع وجود ملايين المستخدمين الذين يشاركون المحتوى بشكل يومي، أصبح تيك توك منصة يستخدمها البعض لتبادل النصائح المتعلقة بالصحة، واللياقة البدنية، والعناية بالبشرة، والمكملات الغذائية، والأنظمة الغذائية. ولأن هذا المحتوى يتم تقديمه بشكل قصير وجذاب، يمكن أن يصل إلى ملايين الأشخاص خلال وقت قصير. لكن يكمن التحدي في أن معظم المحتوى الصحي المقدم على تيك توك لا يخضع لأي إشراف أو تدقيق علمي، مما يزيد من احتمال انتشار المعلومات المضللة أو غير الدقيقة.
كيف يمكن أن يؤثر تيك توك على صحتنا؟
- انتشار المعلومات الصحية المضللة وغير العلمية:
أحد أبرز مخاطر تيك توك هو سهولة انتشار المعلومات غير الموثوقة. فعلى الرغم من وجود بعض الخبراء الذين يشاركون النصائح الصحية الدقيقة، إلا أن هناك العديد من المستخدمين الذين ينشرون نصائح مغلوطة أو تعتمد على آراء شخصية وليس على أسس علمية.
– أمثلة على المفاهيم المضللة: قد تجد مقاطع فيديو تتحدث عن “علاجات سحرية” لمشاكل صحية مثل فقدان الوزن، أو التخلص من حب الشباب، أو تعزيز المناعة، وذلك باستخدام مكملات غذائية أو ممارسات قد تكون غير آمنة أو غير فعّالة.
- المقارنات الاجتماعية والضغوط النفسية:
يعتمد محتوى تيك توك بشكل كبير على التصوير البصري، مما يعزز الرغبة في مقارنة النفس بالآخرين. قد يضغط المستخدمون على أنفسهم لتحقيق معايير جمالية أو لياقة جسدية غير واقعية، بناءً على المحتوى الذي يشاهدونه.
– النتائج المحتملة: قد يؤدي هذا الضغط إلى انخفاض الثقة بالنفس، أو الشعور بعدم الرضا عن المظهر، أو حتى الإصابة باضطرابات الأكل أو القلق بشأن الجسم.
- تشجيع الممارسات الصحية الخطيرة:
قد يشجع بعض المحتوى على تيك توك على ممارسات غير آمنة، مثل الحميات الغذائية القاسية، أو المكملات العشبية غير المعتمدة، أو تمارين اللياقة البدنية التي قد لا تكون مناسبة أو آمنة للجميع.
– الخطر المحتمل: قد يؤدي اتباع هذه النصائح غير المدروسة إلى أضرار صحية، مثل نقص الفيتامينات، أو الإجهاد البدني المفرط، أو حتى حدوث مضاعفات خطيرة نتيجة تناول مكملات غير آمنة.
- تأثير التحديات الخطيرة وغير الأخلاقية:
من أخطر آثار تيك توك هو انتشار “التحديات” التي قد لا تكون مناسبة، لا من الناحية الصحية، ولا الأخلاقية، ولا من الناحية العلمية.
– أمثلة على التحديات الخطيرة: مثل تحديات تناول كميات كبيرة من أطعمة غير صحية، أو تجارب مكملات غذائية أو أعشاب بطرق عشوائية، أو تنفيذ تمارين بدنية غير مناسبة للفئة العمرية أو المستوى البدني للمشاركين، أو حتى تحديات تتضمن إيذاء النفس أو المخاطرة بالصحة.
– مخاطر أخلاقية وصحية: يؤدي تقليد هذه التحديات إلى أضرار صحية كبيرة، وترويج لسلوكيات غير آمنة، كما قد يُعرّض المشاركون أنفسهم للخطر بسبب محاولة تقليد هذه التحديات بغض النظر عن قيمهم أو قدراتهم.
- تأثير تيك توك على جودة النوم:
من الآثار السلبية المحتملة أيضًا هو استخدام تيك توك بشكل مفرط قبل النوم ، وقسم كبير يستخدمه لساعة متأخرة في الليل ، حيث يؤدي استخدام الشاشات الإلكترونية إلى تحفيز الدماغ وتقليل القدرة على الاسترخاء، مما يؤثر سلبًا على جودة النوم ويسبب الأرق.
ما العمل ؟
- التأكد من مصادر المعلومات:
قبل اتباع أي نصيحة صحية تُنشر على تيك توك، من المهم التأكد من هوية مقدم المحتوى، وهل هو متخصص في المجال الصحي، أو هل يعتمد على مصادر علمية موثوقة؟
– البحث عن الأدلة العلمية: يمكن البحث عن المعلومات المقدمة على تيك توك في مصادر أخرى، مثل المواقع الصحية الرسمية أو المنشورات العلمية، للتأكد من دقتها وصحتها.
- استشارة الأطباء والمتخصصين:
قبل اتخاذ أي قرارات صحية بناءً على محتوى تيك توك، يجب استشارة طبيب مختص أو صيدلي أو أخصائي تغذية. المتخصصون يمكنهم تقديم النصيحة المناسبة بناءً على حالة الفرد الصحية وتاريخه الطبي.
- التحلي بالنقد والتفكير المنطقي:
من الضروري توخي الحذر عند مشاهدة المحتوى الصحي على تيك توك، وتجنب الانجراف وراء الإعلانات أو التوصيات التي تعد بنتائج “سحرية” أو “فورية”، حيث إن الصحة الجيدة تتطلب اتباع نمط حياة متوازن ومستدام.
لتجنب الآثار النفسية والجسدية السلبية، من الجيد تقليل الوقت الذي يتم قضاؤه على تيك توك خاصة قبل النوم، وممارسة أنشطة أخرى مفيدة مثل القراءة أو ممارسة الرياضة أو قضاء وقت مع العائلة.
الصحة ليست لعبة
بينما يوفر تيك توك منصة ترفيهية وتثقيفية للملايين حول العالم، يجب توخي الحذر عند التعامل مع المحتوى الصحي المتداول عبره، خاصة التحديات التي قد تضر بالصحة والقيم والأخلاق. من الضروري التأكد من مصادر المعلومات، واستشارة المتخصصين قبل اتباع أي نصيحة، والحفاظ على نمط حياة متوازن ومستدام.
لنتذكر أن الصحة نعمة وهي ليست لعبة، ومحتوى وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون مضللًا، لذا من المهم أن نتعامل معه بحذر ووعي لضمان صحة وسلامة أفضل لنا ولأحبائنا.