المنتدى الصحي

صناعة الإيجابية في الأزمات

د. أمل الجودر

محاضر ومدرب في جودة الحياة

نعيش اليوم وسط أزمة جائحة فيروس كوفيد 19 التي اجتاحت العالم كله فلم تترك قارة ولا دولة ولا مدينه ولا قرية إلا وأصابت من أصابت وتسببت في وفاة البعض من قاطنيها.  وتفننت جميع وكالات الأنباء الخليجية والعالمية في إمطارنا  بوابل من الأرقام والإحصائيات لعدد الإصابات والوفيات حتى لم تعد هناك أخبار غير هذه الجائحة. ولم يقتصر الأمر على الآثار الصحية فقط بل تخطتها لتشمل أزمات اقتصادية أدت إلى تدهور  وإغلاق كثير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتسببت في فقدان العديد من الوظائف ومصادر رزق الموظفين اليومية.

وبذلت الدول والحكومات الخليجية أقصى ما بيدها للتصدي لهذا الفيروس، من إجراءات احترازية فأقفلت المدارس والجامعات ، وبات التعليم عن بعد، و كذلك الأعمال الحكومية والخاصة . وتم توفير الخدمات التشخصية والعلاجية للجميع من مواطنين ومقيمين. وتم اعتماد إستراتجية التباعد البدني كإجراء احترازي لمنع نقل الفيروس وبناء عليه تم منع التجمعات الكبيرة في المجمعات التجارية وحفلات الأعراس ومجالس العزاء ، وأصبح الناس أمام تجربة لم يشهدوا لها مثيلاً من قبل.

ولعل القارئ يتفق معي بأن المنازل شهدت نوعين من ردة الفعل فهناك من ضجر وغضب ويأس وارتفعت وتيره الخلاف والعصبية بين أفراده خاصة بين الزوج وزوجته وصلت الى أبغض الحلال كما تشير بعض الاحصائيات ، وعلى الصعيد الآخر توثقت العلاقات العائلية لدى البعض الآخر ، وأبدعوا في كيفية استثمار الوقت فتم اكتشاف مواهب ومهارات لم يكونوا على علم بها وهذا ما تعبّر عنه نظرية نافذة جوهاري بالمنطقة الكامنة .

فما الفرق بين العائلتين؟

 وما الذي جعل ردود فعلهم مختلفة؟

 في رأيي إنها العقلية التي اختاروها لأنفسهم في التعامل مع الأمر هل هي عقلية مُصدر الأحكام أم عقليه المتعلم.

ما يدور في رأسنا من أفكار يشكل قناعاتنا وعقلياتنا. وبالتالي نحكم على التجارب والأحداث التي تمر علينا من منظور هذه الأفكار. والجميل في الأمر بأنه بغض النظر عن نشأتنا وخلفيتنا الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. وكل ما مررنا به من تجارب فاشلة أو مؤلمة فإننا نستطيع صنع تغييرات إيجابية اليوم. يا له من مفهوم محرر، وكلما اقتنعنا واعتقدنا بهذا الأمر أصبح حقيقة واقعة أمامنا. وعليه لا بدّ من صنع التغيير في رأسنا أولاً ومن ثم القدر سيستجيب لنا. نعم بإمكانك ذلك حتي في أشد الأزمات كما نشهده اليوم إذ عليك أولا استشعار معية الله والتضرع له خاصة نحن في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وأن تستحضر النعم الجليلة التي وهبها الله لك فتحمد الله وتشكره عليها فالمؤمن إما في سراء فيشكر أو ضراء فيصبر وكلا الأمرين خير له. أعد حساباتك ورتب أولوياتك وإذا كان لديك مهام مؤجله ومسوفه ويمكنك القيام بها في المنزل فلن تجد وقتا أفضل من هذا الوقت فابدأ في الحال وان كان لا يمكن القيام بها في المنزل يمكنك وضع خطه عمل لها فتبدأ بالتنفيذ بمجرد ما تنتهي هذه الازمه فإن لم تقم بذلك فليست المشكلة في الوقت ولكن أعذرني فإنها فيك.

ويبقى السؤال الذي يطرحه الكثير خلال محاضراتي كيف يمكنني أن أفكر بطريقة إيجابية عندما أكون محاطاً بكثير من الأشخاص السلبيين من حولي. فأجيبهم عندما تستمع إلى خطاب سلبي من حولك إبدأ بالحديث الداخلي مع نفسك وقل لها ” قد يكون هذا الأمر حقيقة لهم لكنه بالـتأكيد ليس كذلك بالنسبة لك يا نفسي الحبيبة “

أفكارنا تنتج عنها مشاعرنا وهذه المشاعر تنتقل في اجسادنا بواسطة ناقلات عصبية تحمل رسائل كيميائية

فإذا ما كانت أفكارنا سلبيه أضعفت جهازنا المناعي في حين أفكارنا الإيجابية تعززه وما أحوجنا اليوم إلى   قوة جهازنا المناعي والخيار بيدك عقلية مُصدر الاحكام تعني السلبية وعقلية المتعلم تعني الإيجابية .

مقالات شائعة

Exit mobile version