هل يستمع الطبيب للمريض ، وهل يستمع المريض للطبيب ؟
ترجمة وتحرير : د.بسام درويش
تعتمد إمكانات العلاج الحقيقية للطب الحديث على مورد يتم استنزافه بشكل منهجي: الوقت والقدرة على الاستماع حقاً إلى المرضى ، وسماع قصصهم ، ومعرفة ليس فقط ما هي المشكلة التي يعانون منها ، ولكن تلبية ما يهمّهم.
قد يبرر بعض الأطباء عدم إعطاء الوقت الكافي للمرضى يعود لعب العمل ، وكثرة المرضى ، و الأحاديث الجانبية التي يطرحها المريض في سياق حديثه .
ولكن بغض النظر عن كل شيء يجب أن يضع كل طبيب هذا الشعار ” المريض أولاً ” ، وأن القصة المرضية المفصلة هي المفتاح الأساسي للتشخيص ووضع الخطة العلاجية والوقائية ، وهي الجسر الأساسي للتواصل الفعال ما بين الطبيب والمريض والعكس .
وفي هذا المجال تقول الباحثة رنا أديش التي أجرت العديد من المقابلات مع عدد كبير من المرضى ، بأن الرعاية السريعة صحيح أن تكاليفها خفية و أنها قد توفر المال على المدى القصير ولكن يضيع المال مع مرور الوقت وتتدهور الصحة .
لماذا الاستماع للمريض ؟
يجب أن يضع كل طبيب في ذهنه أن المريض قد اختاره من بين العديد من الأطباء ، وأنه من واجب الطبيب الاستماع بشكل جيد للمريض احتراماً له ولحقوقه ، وأن الاستماع الجيد يساعد على بناء علاقة طويلة الأمد تتغذى بالثقة والتواصل الفعال .
ولا يمكن للأطباء والمرضى المشاركة في وضع خطة رعاية حقيقية وقابلة للتطبيق إلا من خلال المعرفة المشتركة، التي تنتقل في كلا الاتجاهين، وهذا يعني أن يستمع الطبيب للمريض ، وأن يطرح المريض على الطبيب جميع التساؤلات التي تدور في ذهنه ، ولا يخرج من عيادة الطبيب إلا بعد أن يكون قد فهم حالته الصحية من جوانبها المختلفة ، وتفهم الدور المهم الذي يجب أن يقوم به المريض.
ومما لا شك فيه أنه يجب على الطبيب أن يشارك المريض في اتخاذ القرارات الطبية الخاصة بحالته الصحية .
نصائح عملية
ضعف التواصل هو السبب الأساسي لمعظم شكاوى المرضى. و التواصل الفعال هو تبادل في اتجاهين ، و هو لا ينطوي على مجرد الحديث ولكن أيضاً الاستماع بعناية.
يجب الاستماع إلى المرضى واحترام خصوصيتهم ومخاوفهم و رغباتهم .
وحين الاستماع للمريض يجب ألا ينشغل الطبيب بالهاتف أو الكتابة أو غير ذلك. بل يجب أن يهتم بالتواصل البصري أيضاً.
يجب أن يحرص الطبيب على ألا يقاطع المريض إذا كان مسترسلاً في كلامه ، وألا يظهر أي حركة أو كلمة تقلل مما يتكلم عنه المريض .
وتشير الاحصائيات إلى أن الأطباء يقاطعون المرضى في غضون 23 ثانية وهم يحاولون تفسير مشاكلهم.
عندما يتحدث المريض، ركز على ما يقوله بدلا من التركيز على ما ستقوله بعد ذلك. حتى لو كنت لا تتفق مع المريض، في محاولة للحفاظ على عقل مفتوح والسماح للمريض لإنهاء أفكاره .
يجب أن يكون الطبيب في حالة تأهب للإشارات غير المعلنة للمرضى. على سبيل المثال، عندما تشير لغة جسد المريض أو نبرة صوته إلى أنه قد يكون غير مرتاح، أو يعاني من عدم الراحة، أو قلقاً يجب أن تخفف من قلقه أو مخاوفه ، وإذا كان الطبيب غير قادر على تدبير حالة المريض يمكنه الاعتذار منه وتحويله للطبيب المناسب .
يجب أن يحظى المريض بالاهتمام الكامل بحيث يتاح له الوقت الكافي للتعامل بشكل صحيح مع احتياجاته.
صحيح أن التواصل مهم جداً ، ولكن حافظ على مسافة ما بينك وما بين المريض ، فلا تقترب لحد الالتصاق أو الاقتراب أكثر من اللازم .
نصائح للمريض
من المهم جداً على كل مريض الالتزام أولاً بالحضور قبل الموعد المحدد ، واحضار كل ما يتعلق بحالته الصحية ، ويفضل أن يكون المريض قد كتب المعلومات التي تتعلق بحالته الصحية ، والأسئلة التي تدور في ذهنه ، من أجل يطرحها على الطبيب بشكل دقيق ، وبعقل منظم ، وعلى المريض تجنب الأحاديث الجانبية التي لا تخص حالته الصحية .
وعلى المريض أن يخبر الطبيب بكافة المعلومات دون إخفاء أي معلومة .
أخيراً لنتذكر أنه حينما نؤكد على أهمية الاستماع لا نقصد ما يقوله المريض بل كيف يوصل ما يقوله .
ومما لا شك فيه أن الطب في تطور ، و باتت السجلات والمعاملات الطبية الكترونية ، ولكن هذا الأمر يجب ألا نهمل ما هو مقدس وحنون و إنساني في الممارسة السريرية والبناء عليه. يجب أن نستمع ونصغي لآهات المريض وكلماته ، ونبني علاقة متينة ثنائية الاتجاه التي تعطي الأطباء والمرضى شعوراً بالهدف المتبادل الذي لا يمكن لأي دليل أو خوارزمية لأفضل الممارسات أن تأمل في تحقيقه.