يدخل المريض إلى غرفة الطبيب وفي ذهنه عدد قليل من الأسئلة ، ويخرج من عيادة الطبيب وفي ذهنه عدد أكبر من الأسئلة ، فيذهب للبحث عن إجابات شافية في محرك البحث المعروف وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب ، فقد يوفق في مصدر تثقيفي منبني على الأدلة والبراهين الطبية ، وقد لا يوفق في ذلك .
ومما لا شك فيه أن التثقيف الصحي للمريض مفيد جداً ويلعب دوراً مهماً في التعافي والوقاية من الأمراض والحدّ من مضاعفاتها ، ولكن بكل أسف نقول ” إن هذا المجال – التثقيف الصحي – ما زال مريضاً ، ويكتسب هذا الأمر أهمية قصوى في الحالات المرضية المزمنة ، و الحالات التي تتطلب دخول المستشفى ، ومنها العمليات الجراحية .
التعليم قبل الجراحة
تفتقر مستشفياتنا إلى الأقسام المتخصصة في تعليم وتثقيف المرضى ، ومهمة هذه الأقسام تتمثل في تثقيف المرضى بالطرق والوسائل المختلفة ، ولا تقتصر على طباعة مطبوعات ، غالباً ما تكون مطبوعة بخط صغير أو أن تكون المعلومات غير مبسطة ، وبالتالي لا تصل الرسالة المطلوبة من هذه المطبوعات .
فهذه المطبوعات حتى تحقق أهدافها يجب أن تكون مصاغة بطريقة سلسلة ومبسطة قابلة للفهم والتطبيق في حياتنا اليومية ، وأن تكون مدعمة بصور توضيحية ، ومطبوعة بخط واضح ، وبألوان مناسبة للقراءة .
والمطبوعات لوحدها لا تكفي ، بل لا بد أن يكون هناك فيديوهات مصورة بطريقة احترافية ، تركز على التوعية وليس على الطبيب ، ويمكن أن يكون هناك ورش عمل تدريبية لمن يرغب من المرضى ، لكي يتعلم المهارات الأساسية المطلوبة منه لكي يمارس دوره في التعافي والمحافظة على الصحة بعيداً عن المرض.
فيما سبق كان هذا الدور يقوم به الطبيب ، ولكن اليوم يمكن أن يقوم به الممرض المتمرس في هذا المجال أو المثقف الصحي ، لكي يتمكن المريض من القيام بدوره كمسؤول عن إدارة صحته بالشكل الأمثل ، وتمكينه من ذلك بالطرق المناسبة له .
لكي يتمكن من القيام بدور استباقي في رعايته الخاصة، وهذا يتطلب أولاً فهم حالته الصحية ، والعمل على منع أو تقليل المضاعفات الناجمة عن أي أمراض مزمنة.
يجب أن يكون تثقيف المرضى شاملاً وسهل الفهم. يجب على اختصاصيي التوعية الصحية أن يدركوا أن العديد من المرضى يفتقرون إلى عدم قدرتهم على فهم المعلومات التي يقدمها الطبيب أو الممرض .
معلومات أساسية
من المفيد جداً أن يعلم المريض بحالته الصحية ، والطرق المتعددة لتدبيرها ، ومناقشة ذلك مع الطبيب أو الفريق الطبي ، ومن النقاط الأساسية التي يجب أن نضعها في الاعتبار ما يلي :
ماهي المعلومات التي يعرفها المريض عن حالته .
تصحيح أي معلومات خاطئة.
نمط تغذية المريض .
نمط حياة المريض من النوم إلى الرياضة إلى العمل وغير ذلك.
استخدام وسائل مساعدة توضيحية أثناء الشرح والتواصل مع المريض .
إشراك المريض في اتخاذ القرار الخاص بحالته الصحية.
اطلب من المريض أن يخبرك كيف سيشرح (خطوة بخطوة) مرضه أو علاجه لأحبائه.
تأكد من أن المريض يعرف كيف ومتى يتناول الأدوية .
تزويد المريض بمعلومات عن علامات وأعراض حالته التي تتطلب استشارة الطبيب دون تأخير.
التأكيد على أهمية مراجعة الطبيب بعد الجراحة .
متى يمكن للمريض أن يمارس أنشطته اليومية المعتادة ، مثل الرياضة ، الاستحمام ، العمل ، الجنس ، وغير ذلك.
ما الذي يجب أن يتجنبه المريض .
لا تسلم المريض ببساطة كومة من الأوراق لقراءتها.
شجع المريض على طرح أي سؤال يخطر بباله .
قلل من مخاوف المريض بالشرح والأدلة.
يمكن لأفراد أسرة المريض أن يشاركوا في عملية التثقيف الصحي ، وهذا يساهم بشكل كبير في تحسين صحة المريض.
التثقيف من أجل تغيير السلوك
لسنوات عديدة، دعمت الأبحاث الاعتقاد الشائع بأن تثقيف المرضى يغير سلوك المريض ويحسن نتائج المرضى. على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أن زيارة المريض قبل العملية الجراحية ، وتعليمه كل ما يتعلق بحالته ، ودوره قبل وأثناء وبعد الجراحة ، يساهم بشكل كبير في تحسين النتائج ورضا المرضى .
ولا يقتصر هذا الأمر على العمليات الجراحية ، بل على الحالات المرضية المختلفة مثل
أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والتهاب المفاصل.
ومن المفيد جداً في عيادة تقييم ما قبل الجراحة ، إجراء مناقشة شاملة للتاريخ الطبي للمريض ، وتنفيذ برنامج التعافي المعزز بعد الجراحة ، وعقد محادثة مكثفة قبل الجراحة حول خيارات التخدير ، وتوسيع معرفة المريض بالتخدير والجراحة .
تذكر أن
تثقيف المرضى وإشراك المريض في اتخاذ القرار هو جزء أساسي من تخطيط موارد المؤسسات الصحية التي يجب ألا يتم إغفالها ، والهدف من ذلك هو إعداد المرضى بشكل أفضل للعب دور نشط في شفائهم.
وتشمل فوائد التثقيف الصحي قبل الجراحة :
قصر الإقامة في المستشفى.
تقليل الطلب على المسكنات.
زيادة رضا المرضى ، والأهم من ذلك سلامة المرضى .
علم وفن
تطوير مواد تثقيفية فعالة للمرضى هو علم وفن . وينبغي أن تستخدم المواد لغة مسبطة وصوراً واضحة.
يجب تزويد المرضى بمعلومات مكتوبة توضح إعداد المريض قبل الجراحة ، وما يمكن توقعه من يوم الجراحة والمعالم والأهداف اليومية لكل يوم بعد الجراحة والسوائل والتغذية والأدوية.
نقاط جوهرية
عندما يعرف المريض كل شيء عن حالته ، ويثق في الفريق الطبي الذي يرد على كافة الأسئلة التي يطرحها المريض ،تقل مستويات القلق لديه .
المرضى المطلعين هم مرضى أكثر أماناً والأهم من ذلك، تحسين تثقيف المرضى يؤدي إلى سلامة أفضل للمرضى.
عندما تكون الاستشارة قبل الجراحة حواراً حقيقياً – مع المرضى وأعضاء فريق رعاية التخدير الذين يطرحون الأسئلة ويجيبون عليها – نتعلم المزيد عن المرضى، ونتيجة لذلك، يمكننا زيادة تكييف رعايتهم بأكثر الطرق فعالية.
يطالب المريض بالشفافية، ويريد فهم خياراته والأسباب الكامنة وراء قرارات الأطباء بشكل أفضل.
ينبغي سماع صوت المريض.
تأكد أن المريض يفهم متى يجب أن يبدأ الصيام عن الطعام والسوائل.
يجب على المريض أن يدرك مدى أهمية المشي والحركة بعد العملية بدلاً من الاستلقاء في السرير لوقت طويل.
التعافي – وضع توقعات حقيقية للوقت الذي سيستغرقه الشفاء التام وشرح كيفية إدارة ألم المريض. دع المريض يعرف متى يمكنه أن يتوقع العودة إلى المنزل ومتى سيتمكن من بدء العلاج الطبيعي، إذا لزم الأمر. تأكد من إبلاغ هذه التوقعات إلى عائلة المريض أو مقدمي الرعاية الآخرين، وكذلك. وأخيرا، قم بتوفير جهة اتصال يمكن للمريض الاتصال بها لطرح أي سؤال بعد العملية.
الخلاصة
التعليم الذي يحصل عليه المريض قبل الجراحة له آثار إيجابية كبيرة على نتائج الجراحة. وتشمل هذه النتائج زيادة رضا المريض بشكل عام، وانخفاض معدل حدوث المشاكل وتحسين نوعية الحياة.