يصبو أسبوع التمنيع العالمي -الذي يُحتفل به سنوياً في الأسبوع الأخير من نيسان/ أبريل (24-30 نيسان/ أبريل) – إلى بلوغ هدف مؤداه التشجيع على استعمال اللقاحات لحماية الناس من الأمراض أيَّا كانت أعمارهم. ويُنقذ التمنيع ملايين الأرواح كل عام، وهو تدخل صحي معترف به على نطاق واسع بوصفه واحداً من أنجح التدخلات الصحية وأعلاها مردودية بالعالم، ولكن ما زال هناك 20 مليون طفل تقريباً في عالم اليوم ممّن لا يحصلون على ما يلزمهم من لقاحات.
وموضوع هذا العام هو بعنوان اللقاحات تنفع الجميع (#VaccinesWork for All) وستركز الحملة المشنة بموجبه على الكيفية التي تؤدي بها اللقاحات – والمعنيون بتحضيرها ومنتجوها والمستفيدون منها – دوراً بطولياً في هذا المضمار عن طريق العمل على حماية صحة الجميع بكل مكان.
تحذير عالمي
سيؤدي أي تعليق لخدمات التمنيع أو التردد في استخدامها خلال جائحة كوفيد-19 إلى عودة ظهور الأمراض التي تمت مكافحتها إلى حدٍ كبير بفضل اللقاحات المأمونة والفعَّالة. ويُطلِق هذا التحذير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط مع بدء الأسبوع العالمي للتمنيع لعام 2020.
والتمنيع هو أحد تدخلات الصحة العامة الأكثر فعالية. وقد ثَبُتَ دوره في الوقاية من الأمراض الفتاكة ومكافحتها. ويُمثِّل استئصال الجدري، والتقدُّم الملحوظ المُحرز في استئصال شلل الأطفال، والمكافحة الواسعة النطاق للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل الحصبة والدفتيريا، قصص نجاح في إنقاذ ملايين الأرواح والوقاية من الإعاقة على نطاق ضخم.
وصرح الدكتور إيفان هوتين، مدير إدارة مكافحة الأمراض السارية بمكتب المنظمة الإقليمي لشرق المتوسط، قائلاً: “بالإضافة إلى تأثير التمنيع الإيجابي على صحة كل طفل يحصل على اللقاح، فإن التغطية بالتطعيم بمعدلات مرتفعة تحمي أيضاً المجتمع بوجه عام. والتوسُّع في إتاحة التمنيع أمرٌ لا غنى عنه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وأهداف المليارات الثلاثة التي وضعتها المنظمة. ويُسهم التمنيع إسهاماً كبيراً، بوصفه أحد العناصر الأساسية للرعاية الصحية الأولية في العديد من البلدان، في إحراز تقدم نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة، بما يتماشى مع الرؤية الإقليمية للمنظمة “الصحة للجميع وبالجميع”.
وشهد إقليم شرق المتوسط زيادة ملحوظة في عدد الأشخاص الذين يحصلون على اللقاحات في السنوات الأخيرة، في ظل استحداث المزيد من اللقاحات ونجاح المزيد من البلدان في القضاء على الأمراض من خلال التمنيع. وفي عام 2018، تم تطعيم 82% من الأطفال دون العام بثلاث جرعات من الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي (الخناق والكزاز والشاهوق) وجرعة واحدة من لقاح الحصبة. وتم القضاء على الحصبة والحَصبَة الألمانيَّة (الحُمَيْراء) في ثلاثة بلدان، وهناك المزيد من البلدان التي تقترب من بلوغ هذا الهدف.
ومع ذلك، هناك 3 ملايين رضيع – طفل من كل 5 أطفال تقريباً – لم يحصلوا حتى الآن على اللقاحات الأساسية. وتؤثر فاشيات الحصبة على العديد من البلدان، ولا يزال شلل الأطفال متوطناً في بلدين. ويتسبب انقطاع خدمات التمنيع، حتى لفترات قصيرة، في حدوث فجوة في حماية السكان، وقد يؤدِّي إلى فاشيات للأمراض التي كانت تحت السيطرة مثل الحصبة وشلل الأطفال. وأضافت الدكتورة رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج بمكتب المنظمة الإقليمي لشرق المتوسط، قائلة: “مع توافر اللقاحات المأمونة والفعَّالة، لا ينبغي أن يموت أي طفل أو يُصاب بأمراض يمكن الوقاية منها بهذه اللقاحات. وبينما يتطلع العالم بأسره إلى الحصول على لقاح مضاد لمرض كوفيد-19، من الضروري الحفاظ على تقديم خدمات التمنيع الأساسية وضمان توافر نُظُم تمنيع راسخة لتقديم جميع اللقاحات بشكل كافٍ، بما يشمل لقاح كوفيد-19 عندما يصبح متاحاً”.
وقامت بعض البلدان بتعليق حملات التطعيم الوقائية أثناء جائحة كوفيد-19 الحالية، لتجنب الاكتظاظ والازدحام. ولكن ينبغي، بل ويجب، استخدام طرق أخرى لتقديم اللقاحات. ويواصل العديد من البلدان في إقليم شرق المتوسط تقديم خدمات التطعيم الروتيني، لا سيّما في المناطق التي ينخفض فيها انتقال مرض كوفيد-19، وتنتهز بعض البلدان أسبوع التمنيع العالمي لتقديم المزيد من الفرص للتطعيم.
ضمان الاستمرارية
وصرح الدكتور أحمد بن سالم المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، قائلاً: “التمنيع هو إحدى الخدمات الصحية الأساسية التي ينبغي الحفاظ عليها وإعطاؤها الأولوية أثناء جائحة كوفيد-19. وينبغي بذل كل الجهود اللازمة لضمان استمرارية خدمات التمنيع واستخدامها بشكل كافٍ أثناء الجائحة، مع ضمان الحماية المناسبة للعاملين الصحيين والمجتمع”. وإذا انخفض مستوى التغطية بالتمنيع بسبب مرض كوفيد-19، فيجب معرفة الأطفال الذين فاتتهم اللقاحات لإلحاقهم بالركب في أقرب وقت ممكن.
ويضم إقليم شرق المتوسط نصف إجمالي عدد الأشخاص المتضررين من حالات الطوارئ الإنسانية على مستوى العالم، وتُهدد جائحة كوفيد-19 بتعرضهم لمزيد من المعاناة. وسيؤدي أي تعليق لخدمات التمنيع أو القصور في استخدامها إلى تفاقم الوضع بالتأكيد. ويُعَدُّ أسبوع التمنيع العالمي لعام 2020 دعوة للمجتمعات والأسر والأفراد إلى طلب التمنيع والاستفادة منه لأنه حقٌ لهم ومسؤولية عليهم، ودعوة لجميع الحكومات وأصحاب المصلحة إلى ضمان استمرارية برامج التمنيع أثناء جائحة كوفيد-19 الحالية.