السمنة هي مشكلة مرضية وليست مشكلة جمالية ، و هي تتطلب رحلة طويلة الأمد من التزام المريض بالإرشادات الطبية ، سواء تم التخلص من الوزن بالنظام الغذائي والرياضة ، أو مع الأدوية أو بعد إجراء إحدى عمليات جراحة البدانة . وأول خطوة في نجاح هذه الرحلة هو تحديد الهدف الواقعي القابل للتحقيق دون أية مخاطر . إذ ليس المهم أن ننظر إلى الميزان ، بل الأكثر أهمية هي المحافظة على الصحة وتحسين نوعية الحياة .
يعتقد بعض المرضى أنه بمجرد إجراء العملية الجراحية ، سيحصل على النتائج المرجوة دون التزام منه بالنظام الغذائي والتمارين الرياضية أو الزيارات الدورية للطبيب واختصاصي التغذية ، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ ، إذ بدون ما سبق ذكره لا يمكن تحقيق الأهداف المتمثلة في المحافظة على الصحة وتجنب المضاعفات المرضية المرتبطة بالبدانة .
هذا النهج سوف يوفر أفضل فرصة للنجاح لمنع استعادة الوزن وعودة المشاكل الطبية
المرتبطة بالبدانة.
بعد الجراحة مباشرة
قبل العملية يتم شرح كل ما يتعلق بالعملية والنظام الغذائي ، الذي يعتمد أساساً على الإكثار من شرب الماء وتناول الأطعمة اللينة وتدريجياً يتم التحول إلى تناول الأطعمة الجامدة ، مع تجنب الأطعمة الغنية بالسكر والنشويات ، وبعد الجراحة يجب تناول 60-100 غرام من البروتين يوميا مباشرة بعد الجراحة. إذ أن المريض الذي لا يأخذ ما يكفي من البروتين يمكن أن يعاني من الضعف وفقدان العضلات، وهذا يمكن أن يسبب مشاكل خطيرة.
وبالطبع يتم تسليم المريض كتيباً يحتوي على كافة الارشادات التي يجب أن يلتزم بها ، والنظام الغذائي ، وما هي الأطعمة المسموحة والممنوعة أو المسموح تناولها جزئياً .
يخضع المريض لنظام غذائي خاص يشرحه فريق جراحة السمنة. وعادة يتبع المريض النظام الغذائي السائل لعدة أسابيع، ثم سوف يبدأ ببطء بتناول الأطعمة اللينة، ومن ثم الأطعمة الصلبة في نهاية المطاف. بعد الجراحة بوقت قصير، ينصح بشرب الكثير من السوائل لتجنب الغثيان ومشاكل الكلى والإمساك والتعب.
الفيتامينات والعناصر المعدنية
بعد جراحة فقدان الوزن، يحتاج المريض إلى تناول الفيتامينات والعناصر المعدنية ، وهذا ما سيحصل عليه من المكملات الغذائية التي توصف له ، مع التزامه بنصائح اختصاصي التغذية .
وتشمل هذه عادة الفيتامينات المتعددة مثل فيتامين B12 ، فيتامين (د)، والكالسيوم والحديد. وهذه ليست خياراً بل أمراً ضرورياً كيلا يعاني المريض من مشاكل صحية مختلفة جراء نقص الوارد اليومي من الفيتامينات والعناصر المعدنية .
الرياضة
يجب أن يضع مريض البدانة في ذهنه أن الرياضة من العناصر الأساسية لنجاح الخطة العلاجية ، فممارسة الرياضة تساعده في الحفاظ على فقدان الوزن بشكل تدريجي والمحافظة على الصحة والحيوية والوزن ضمن الحدود الطبيعية على المدى الطويل .
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون الشخص عداء ماهراً بل المطلوب منه بالحد الأدنى أن يمارس تمارين اللياقة ورياضة المشي أو السباحة ، بشكل متكرر ، وهذا يساعد على التعافي بشكل أسرع ، ويحافظ على الصحة والحيوية ، وتناسق الجسم خلال مرحلة فقدان الوزن التدريجي .
يمكن ممارسة التمارين الرياضية لمدة تتراوح ما بين 30 – 60 دقيقة في اليوم .
الأدوية
بعد جراحة فقدان الوزن، يمكن للطبيب أن يغير بعض الأدوية أو جرعاتها أو طريقة تناولها ،مثلاً قد يتم تغيير بعض الأدوية إلى أشكال سائلة أو قابلة للمضغ لفترة من الزمن ، ويجب أن تتم هذه التغييرات تحت إشراف الطبيب . ولا يجوز تناول أي دواء دون استشارة الطبيب .
التدخين والكحول
سوف يطلب منك الطبيب التوقف عن التدخين وشرب الكحول قبل جراحة فقدان الوزن وعدم العودة لها بعد الجراحة كيلا يتعرض المريض لمشاكل خطيرة .
يمكن أن يكون الإقلاع عن التدخين صعباً ، ولكن هناك وسائل مساعدة وداعمة لقرار المريض ، وهذا دور الطبيب في مساعدة المريض في الاقلاع عن هذه العادة السلوكية التي تضر بصحة الفرد والمجتمع . وكما هو معروف فإن تعاطي التبغ يمكن أن يسبب مشاكل متعددة إلى جانب سرطان الرئة فقط، فهو يؤدي إلى تضاؤل قدرة الجسم على الشفاء من الجراحة، ويعرض المرضى لخطر الإصابة بالنوبات القلبية والالتهاب الرئوي والجلطات الدموية مباشرة بعد الجراحة.
تعاطي الكحول بعد جراحة لعلاج البدانة يمكن أن يكون له عواقب وخيمة. إذ يتم امتصاص الكحول بسرعة أكبر في مجرى الدم بعد الجراحة ، وسيكون لدى مرضى جراحة السمنة مستويات أعلى من الكحول في نظامهم لفترة أطول من الوقت بعد الشرب مقارنة بما كان عليه قبل الجراحة. هذه العوامل وغيرها يمكن أن تؤدي إلى زيادة خطر إدمان الكحول في مرضى جراحة السمنة.
الحمل
يجب على المريضة تجنب الحمل لمدة 12 إلى 18 شهراً بعد جراحة فقدان الوزن ، من أجل الوصول إلى أدنى وزن ممكن وضمان أن لدى السيدة التغذية الكافية إذا كانت ترغب بالحمل .
تذكر أن
السمنة هي مرض ، تتطلب رحلة علاج طويلة تتطلب الصبر و تغيير نمط الحياة ، وتحتاج إلى زيارات دورية للطبيب واختصاصي التغذية ، من أجل ضمان التمتع بالصحة بعيداً عن المرض ، وتجنب عودة زيادة الوزن أو المشاكل الصحية المرتبطة بالبدانة .
في السنة الأولى يمكن أن تكون الزيارات شهرية ، و من ثم يمكن أن تكون سنوية أو نصف سنوية ، هذه الزيارات مهمة ، لأن السمنة مرض مزمن ، ويمكن أن تستمر أو حتى تعود بعد الجراحة. وقد تحتاج في رحلة العلاج إلى الأدوية أو تغيير نمط الحياة .