الأيام الصحية العالمية .. ما الهدف منها ؟
د.بسام درويش
مستشار في الإعلام الصحي والتطوير الطبي
اتباع الأساليب التقليدية في التخطيط لحملات التوعية الصحية ، هل يكفي لتحقيق الأثر المطلوب في تغيير نمط الحياة ، بحيث تصبح الصحة أسلوب حياة ، خصوصا أن نسبة طبيرة من الأمراض والاضطرابات الجسدية والنفسية مرتبطة بنمط الحياة ، والامراض الولادية الخلقية والوراثية مهما كانت تسميتها ، يمكن لنمط الحياة وإدارتها بالطريقة الصحيحة أن تحسن من حياة المريض .
ألسنا بحاجة للتفكير خارج الصندوق في ما يتعلق بصحتنا ؟
أعتقد أن التفكير خارج الصندوق أصبح ضرورة لتحقيق التغيير المطلوب وتحقيق التأثير المطلوب على سلوكيات الأفراد والمجتمعات، ولتصحيح المفاهيم الخاطئة والمعلومات المضللة التي باتت تشكل خطورة متزايدة أكثر من العوامل الممرضة مجتمعة .
يرتبط التفكير المبتكر بقدرتنا على إيجاد حلول جديدة لمشاكل قديمة تتعلق بالتوعية الصحية، وهو ما نحتاجه لتحسين فعالية الحملات التي تهدف إلى رفع مستوى الوعي وتحفيز العمل المجتمعي، سواء في الأيام الصحية العالمية أو على مدار العام.
الهدف من الأيام الصحية العالمية: فرصة لتحقيق التوعية
تأتي الأيام الصحية العالمية مثل تلك التي تقودها منظمة الصحة العالمية كفرصة لرفع مستوى الوعي حول القضايا الصحية المختلفة. تسعى هذه الأيام إلى:
1. رفع مستوى الوعي المجتمعي: تهدف إلى توعية الناس بالأمراض والإجراءات الوقائية.
2. تحفيز المشاركة المجتمعية: تشجيع الأفراد والمؤسسات على العمل لتحسين الصحة العامة.
3. دعم التعاون الدولي: تعزيز التواصل بين الدول ومنظمات الصحة لتبادل المعرفة والخبرات.
4. تعزيز السياسات الصحية: تسليط الضوء على الحاجة إلى تحسين السياسات الصحية وزيادة التمويل للرعاية الصحية.
الأيام الصحية العالمية: هل تحقق أهدافها؟
على الرغم من أهمية هذه الأيام في تعزيز الوعي، إلا أنها قد لا تحقق دائمًا النتائج المرجوة. بعض هذه التحديات تشمل:
– التركيز القصير الأمد: معظم الفعاليات تتمحور حول يوم واحد، في حين أن القضايا الصحية تتطلب جهودًا مستدامة على مدار العام.
– التغطية الإعلامية غير المستدامة: تعتمد بعض الحملات على الرموز والشعارات أكثر من التركيز على تغيير حقيقي في سلوكيات الأفراد.
– ضعف المتابعة والتقييم: القليل من المتابعة بعد انتهاء الحملات، مما يؤدي إلى غياب تأثير طويل الأمد.
التفكير المبتكر: حل مستدام لحملات التوعية الصحية
لتجاوز هذه التحديات، هناك حاجة إلى التفكير المبتكر في تخطيط حملات التوعية. من خلال اتباع استراتيجيات جديدة، يمكننا تحسين فعالية الحملات وضمان استدامتها. تشمل هذه الاستراتيجيات:
1. استخدام التكنولوجيا الحديثة: يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، التطبيقات الصحية، والذكاء الاصطناعي للوصول إلى جمهور أوسع وتقديم معلومات صحية مخصصة لكل فرد بناءً على احتياجاته.
2. إشراك المجتمع بشكل أعمق: الشراكة مع قادة المجتمع والمدارس والشركات يمكن أن يوسع من نطاق تأثير الحملات. إشراك الشخصيات المؤثرة يمكن أن يساهم في نشر الرسالة بفعالية.
3. الابتكار في الرسائل: يجب أن تكون الحملات تفاعلية وتشجع على المشاركة، سواء من خلال ورش عمل، مسابقات صحية، أو فعاليات ترفيهية. استخدام الفن والثقافة لنقل الرسائل الصحية يمكن أن يكون أكثر تأثيرًا من الوسائل التقليدية.
4. المتابعة المستمرة والتقييم: يجب أن تترافق كل حملة مع آلية واضحة لقياس النجاح والتأثير على سلوك الجمهور. تحليل النتائج وتعديل الاستراتيجيات بناءً على تلك النتائج يضمن تحسين الفعالية على المدى الطويل.
5. استدامة الحملات وليس التركيز الموسمي: بدلاً من الاعتماد على مناسبات معينة، يجب أن تستمر التوعية الصحية على مدار العام لضمان تغيير سلوكيات المجتمع بطريقة مستدامة.
ما الذي يهدد صحتنا بشكل عام ؟
ما هي عوامل الخطر ؟
ما هي التحسينات اليومية البسيطة التي نقوم بها يوميا لكي نحدث فرقا كبيرا في خريطتنا الصحية ؟
هذه الأسئلة اجاباتها العملية قبل النظرية متوفرة ، وهي تضمن تحقيق الصحة للجميع ومن خلال الجميع ، والصحة بمفهومها الشامل .
ما نحتاجه هو الى 366 يوم من التوعية الصحية وليس أياما محددة سرعان ما يخبو بريقها بعد قص الشريط الحريري لاي مناسبة صحية او حملة صحية .
ما نحتاجه هو جرعات يومية من التوعية الصحية المركزة والمبسطة وبأساليب جذابة ومتنوعة ، هو ان نصل الى مرحلة يكون كل فرد في المجتمع هو سفير للتوعية الصحية ، ما نحتاجه هو التركيز على مدى فوائد الصحة قبل الحديث عن المرض ومضاعفاته ، فالجميع يعرف تماما مخاطر التدخين ، وغير ذلك من الأمثلة .
ما نحتاجه هو ان نعيد التفكير من اجل استدامة الصحة وجودة الحياة .
ولو كان القرار بيدي لكنت قد لغيت الأيام الصحية بمختلف مسمياتها وركزت على يوم واحد لكي يكون كل عام نقطة تحول من اجل انطلاقة افضل لكي نضيف على حياتنا المزيد من الحياة ” الصحة والحياة ” .
دور السياسات الصحية في دعم الحملات التوعوية
من الضروري تحديث السياسات الصحية لتعزيز فرص الوصول إلى الرعاية الصحية الوقائية. كما يجب أن تلعب الحكومات دورًا في تحسين الأطر القانونية وتوفير تغطية تأمينية شاملة للفحوصات الوقائية لجميع الفئات.
نحو حملات توعية صحية مستدامة ومبتكرة
الأيام الصحية العالمية وحملات التوعية الصحية تلعب دورًا مهمًا في رفع مستوى الوعي، لكنها تحتاج إلى تحسينات لضمان استدامتها وتحقيق أهدافها بشكل أكثر فعالية. من خلال التفكير المبتكر، استخدام التكنولوجيا، والشراكات المجتمعية، يمكننا ضمان تحقيق تأثير أكبر ومستدام على الصحة العامة.
Bassam@balsamhealthcare.com