Connect with us

المنتدى الصحي

الاستثمار في الرعاية الصحية الخيرية:

صدقة جارية وعطاء مستدام 

لطالما سعيت على مدى سنوات لإبراز أهمية الصحة والوقاية أولا ومدى أهمية الاستثمار المستدام في الرعاية الصحية الخيرية، إدراكًا مني للحاجة إلى نقلة نوعية تعزز استدامة الجهود الخيرية وتزيد من أثرها العميق. على الرغم من عظيم ما تقدمه الجمعيات الخيرية، إلا أننا بحاجة إلى تحويل هذه الجهود إلى صدقة جارية تنمو وتثمر لأجيال قادمة. نحن ممتنون لتلك القلوب الرحيمة التي تضيء حياة المحتاجين، ونسعى لتعزيز هذا العطاء ليكون أكثر ديمومة وفاعلية. 

 دولة الإمارات: نموذج للعطاء المستدام 

دولة الإمارات العربية المتحدة ، هي وطن العطاء الذي ينبض بالمحبة، وتفيض خيراته خارج حدوده. يشدد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، على أهمية العمل الخيري ودوره في تعزيز التضامن الإنساني والتكافل الاجتماعي. يقول سموه: “العمل الخيري والإنساني جزء من الإرث المتأصل في دولة الإمارات، ونهج ثابت نسير عليه، ونسعى من خلاله إلى تقديم الدعم والمساعدة لكل محتاج في مختلف أنحاء العالم.” 

إن روح الإمارات المستوحاة من كلمات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، القائلة بأن “في سباق التميز لا وجود لخط النهاية”، تجعل من المستحيل واقعًا ملموسًا، وتدفعنا دائمًا نحو التحدي والمثابرة. وهكذا، عندما ننظر إلى مئات الملايين التي تجمعها الحملات الإذاعية سنويًا لعلاج المرضى، نجد أن هذه الأموال يمكن أن تُستثمر في بناء مستشفى خيري يقدم الرعاية المستدامة، مثل نبع صافٍ مستمر، يستفيد منه الجميع.

 قصة عبير: حين يصبح العطاء بابًا للأمل 

يوم أمس ، في برنامج “بلسم” عبر إذاعة وتلفزيون نور دبي، قابلت السيدة عبير، وهي امرأة لديها مرض الروماتويد الذي سبب لها آلامًا جسدية ونفسية مستمرة وتغييرات كبيرة في مفاصلها وفي حياتها في وطنها الأم ، مما دفعها للخضوع لعدة عمليات جراحية في مفاصلها وتغيير مفصل الركبة . ولكن ( المفصل ) الذي غير حياتها هو انتقالها الى دولة الامارات العربية المتحدة ، رغم كل الصعاب، كانت كلماتها مليئة بالأمل والشكر عندما تحدثت عن  (بطاقة ذوي الهمم ) التي فتحت لها أبواب الرعاية والدعم في الإمارات.

 قالت: “لولا هذه البطاقة، لما استطعت تحمل كل تلك التكاليف، لكنها ساعدتني على تحسين حياتي وتجاوز المضاعفات.” 

وأعربت عن أمنيتها بأن تبقى في الإمارات لبقية حياتها، قائلة: “لقد وجدت في الإمارات ( الحياة ) بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ورعاية قلما أجد لها مثيل.” كلماتها الصادقة كانت نداءً حيًا للضمير بأن هناك الكثير ممن يحتاجون إلى هذا النوع من الدعم المستدام، وأن الاستثمار في الرعاية الصحية الخيرية ليس مجرد إحسان، بل هو واجب إنساني يتجاوز حدود الزمان والمكان.

 الرعاية الصحية كصدقة جارية: دعوة مستمرة للعطاء المستدام 

إن تأسيس مؤسسات صحية غير ربحية يعد من أسمى أنواع العطاء. فهو ليس إحسانًا عابرًا، بل استثمار في حياة الناس ومستقبل المجتمعات. كل مستشفى يُبنى وكل عيادة تُنشأ هي بمثابة صدقة جارية تدوم آثارها للأبد، فتحيي النفوس وتداوي الجراح. عندما تتحول المبادرات الخيرية إلى مؤسسات دائمة تقدم الرعاية الصحية بتكلفة رمزية أو بلا مقابل، فإننا نضمن أن يمتد أثر الصدقة ليصل إلى كل محتاج، ونعزز من قيمة العمل الخيري.

 لماذا يجب أن نتحرك الآن؟ 

مع ارتفاع تكاليف العلاج وانتشار الأمراض المزمنة، تزداد حاجة الأسر إلى الدعم الصحي، وتتعاظم الضغوط على المستشفيات العامة. هنا يظهر دور المؤسسات الصحية غير الربحية، التي تصبح طوق نجاة لمن لا يملك سبيلًا للوصول إلى العلاج. إنها ليست مجرد مبانٍ أو مراكز، بل هي رمز للأمل وصمام أمان يضمن حق الجميع في الرعاية الصحية الكريمة، ويخفف الأعباء عن كاهل المجتمع.

كن رائداً في العطاء المستدام

إلى رجال الأعمال والجمعيات الخيرية، لديكم فرصة عظيمة لتغيير حياة الآلاف. إن بناء مستشفى خيري أو دعم مركز صحي في منطقة نائية لا يعني فقط إنقاذ الأرواح، بل هو أيضًا إعادة الأمل إلى نفوس أنهكتها الأمراض والمشقات. كل درهم يُنفق على هذه المشاريع يزرع بذور الخير التي تنمو لتصبح شجرة مثمرة تمنح الراحة لكل من يلجأ إليها، وتترك أثرًا خالدًا في ذاكرة الإنسانية.

 أثر الرعاية الصحية الخيرية: استثمار في الأمل يتجاوز الزمن 

الرعاية الصحية الخيرية ليست مجرد علاج طبي، بل هي بناء لمجتمعات أقوى وأكثر صحة. عندما يجد الجميع الرعاية بغض النظر عن وضعهم المالي، يصبح المجتمع أكثر تماسكًا وأفضل استعدادًا لمواجهة التحديات. إنها دعوة لجعل الصحة حقًا مشتركًا ولبناء مستقبل أكثر إشراقًا تتضافر فيه الجهود لتحقيق الرعاية الشاملة.

لقد أثبتت تجارب المستشفيات الخيرية الناجحة حول العالم، مثل مستشفى “سانت جود” للأطفال في الولايات المتحدة و”أرافيند” للعيون في الهند، أن المشاريع الصحية الخيرية يمكن أن تحقق المستحيل، إذا توافرت لها الأيادي البيضاء والدعم المستمر. هذه المبادرات حولت الألم إلى أمل، والضعف إلى قوة، واستمرت في العطاء كصدقة جارية تنير دروب المحتاجين.

 دعوة للتعاون من أجل بناء مستقبل أفضل 

فلنتحد من أجل تحقيق هدف نبيل، لنبني معًا مؤسسات صحية تعيد رسم الابتسامة على وجوه المرضى. لنؤسس مستشفيات تقدم الرعاية للجميع، ونوفر الأدوية لمن يعجزون عن تحمل تكاليفها، ونحوّل العطاء الإنساني إلى أداة لتغيير الواقع للأفضل.

هذه الدعوة ليست فقط للعطاء، بل هي نداء للضمير الإنساني لنجعل “الصحة للجميع ومن خلال الجميع” حقيقة ملموسة. فلنجعل من هذا الوقت وقت العطاء الحقيقي، ولنترك إرثًا من الخير يمتد أثره عبر الأجيال.

فلنغتنم الفرصة الآن لبناء صدقة جارية تبقى وتنمو، وتبارك كل عمل نقوم به لخدمة الإنسانية.

bassam@balsamhealthcare.com

Continue Reading

مقالات شائعة