التلوث الضوئي في الليل هل يرتبط بالسرطان ؟

مخاطر العمل بنظام المناوبة في الليل واستخدام الشاشات الالكترونية

ترجمة و تحرير : د. بسام درويش

تمكن الإضاءة الكهربائية الحديثة الأشخاص من العمل والنوم وتناول الطعام وتلقي الخدمات على مدار 24 ساعة في اليوم. نتيجة لذلك ، يواجه العديد من الأفراد أنماطا وأنواعا جديدة من الضوء الكهربائي ، ويغيرون توقيت وجباتهم ، ويعانون من اضطرابات النوم والضغوط الأخرى. هذه العوامل يمكن أن تعطل إيقاعات الساعة البيولوجية وربما تؤدي إلى آثار صحية ضارة مثل السرطان.

وفيما يلي دراسة قام بها الباحثون في البرنامج الوطني لعلم السموم في الولايات المتحدة الأميركية .

درس البرنامج الوطني لعلم السموم سيناريوهين للتعرض يتعلقان باستخدامنا للإضاءة الحديثة.

1. العمل في نوبة ليلية

يعرف العمل في المناوبة الليلية بأنه العمل لمدة ثلاث ساعات بين الساعة 12 و 5 صباحا. وحسب الدراسات إن تأثيراته معقدة وتتضمن ما يلي:

الضوء الشديد في الليل أثناء العمل .

• اضطراب النوم.
• تغيير وقت تناول الطعام في الليل.
• الإجهاد وتغيّر السلوك.

2. مصادر الضوء الكهربائي في الليل:

• الضوء الكهربائي الخارجي المصدر من النافذة.
• الكترونيات ذاتية الإضاءة.
• الضوء المنبعث من استخدام الهاتف قبل النوم.

لماذا من المهم دراسة العمل في النوبات الليلية والضوء في الليل؟

وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ، يعمل أكثر من 10 ملايين بالغ في الولايات المتحدة بشكل متكرر في نوبات ليلية. وهو أكثر شيوعا بين الرجال والسود وغير اللاتينيين.

قد يساهم العمل في النوبات الليلية فيما يقرب من 12000 حالة سرطان ثدي جديدة سنويا في الولايات المتحدة.

وتعتبر العلاقة بين العمل في النوبات الليلية وسرطان الثدي بين النساء السود مجال جدل و هي فجوة بحثية تحتاج إلى المزيد من الدراسات.

التعرض للإضاءة الكهربائية الداخلية موجود في كل مكان تقريبا في مجتمعنا.

 تظهر النتائج التي توصلت إليها مؤسسة النوم الوطنية أن 90٪ من الأمريكيين يستخدمون نوعا من الأجهزة الإلكترونية بضع ليال في الأسبوع خلال ساعة واحدة من وقت النوم.

 في عام 2016، أشارت بيانات التصوير بالأقمار الصناعية للأرض ليلا، إلى أن أكثر من 99٪ من سكان الولايات المتحدة يعيشون تحت سماء ملوثة بالضوء في الليل.

تقييم برنامج التحول الوطني

استخدم البرنامج الوطني لعلم السموم طرق مراجعة منهجية ووضع معايير للوصول إلى استنتاجات مخاطر السرطان. تستند هذه الاستنتاجات إلى الحكم العلمي مع مراعاة جميع المعلومات ذات الصلة.

ماذا وجد التقييم؟

• ثقة عالية

العمل الليلي المستمر الذي يعطل إيقاعات الساعة البيولوجية يمكن أن يسبب سرطان الثدي لدى النساء وقد يسبب سرطان البروستاتا لدى الرجال.

يعرف العمل الليلي المستمر بأنه عمل نوبات ليلية متكررة وطويلة الأجل، خاصة بدءا من مرحلة البلوغ المبكرة.

من الصعب تحديد الظروف الدقيقة للعمل الليلي المستمر لأن المدة والتكرار قد يعتمدان على مجموعتهما المحددة.

• ثقة معتدلة

العلاقة السببية بين الاصابة بالسرطان عند البشر ، وبعض الحالات الخاصة بظروف الإضاءة وكيفية استعمالها ، وهي التي تسبب اضطراب الساعة البيولوجية.

يتم تعريف بعض ظروف الإضاءة على أنها التعرض المفرط للشاشات الالكترونية ليلاً ، جنبا إلى جنب مع التعرض غير الكافي لضوء النهار.

تعتمد ظروف الإضاءة في الليل التي تؤدي إلى اضطراب الساعة البيولوجية على مجموعة من خصائص الضوء مثل الطول الموجي ومدة التعرض وشدة الضوء أو مستوياته والتوقيت.

 اضطراب الساعة البيولوجية

ضوء الشمس هو الإشارة الخارجية الرئيسية التي تبرمج الساعة البيولوجية الرئيسية مع دورات الضوء والظلام الطبيعية التي نشهدها يوميا.

للحفاظ على تنسيق الإيقاعات البيولوجية (انظر الشكل على سبيل المثال من الإيقاعات اليومية)، ترسل الساعة الرئيسية، الموجودة في الدماغ، إشارات إلى شبكة كبيرة من الساعات الطرفية الموجودة في كل خلية من خلايا الجسم تقريبا.

يعتقد أن التعرض للكثير من الضوء أثناء الليل ، خاصة في الأوقات التي يكون فيها الناس نائمين عادة ، يساهم في اضطراب الساعة البيولوجية وزيادة خطر الإصابة بالسرطان.

إجابات توضيحية

كيف تم التوصل إلى الاستنتاجات بشأن العمل الليلي المستمر وبعض ظروف الإضاءة؟

استخدم البرنامج الوطني لعلم السموم طرق مراجعة منهجية لتحديد الدراسات وتقييم جودة الدراسة ودمج الأدلة عبر الدراسات.

لكل سيناريو تعرض (عمل النوبة الليلية)، قام البرنامج الوطني لعلم السموم بدمج الأدلة من الدراسات البشرية وغير البشرية للتعرض والسرطان ، ودراسات اضطراب الساعة البيولوجية ، ودراسات الآليات (مثل التأثيرات البيولوجية) للوصول إلى استنتاجاتنا.

باستخدام المعايير المعمول بها ، توصل الباحثون إلى استنتاجات مخاطر السرطان لكل سيناريو تعرض فيما يتعلق بقوة الأدلة من دراسات وبائيات السرطان والاستنتاجات العامة.

استندت الاستنتاجات إلى الحكم العلمي مع إيلاء الاعتبار لجميع المعلومات ذات الصلة. وعمل مستشارون تقنيون متخصصون في حلقة عمل لتقديم مدخلات بشأن الأساليب والقضايا العلمية، واستعرضوا أجزاء من مشروع الدراسة.

وافقت لجنة مراجعة الأقران المكونة من ثمانية أعضاء من ذوي الانضباط والخبرة الخاصة بالموضوع على استنتاجات المخاطر التي وضعها برنامج التحول الوطني لسيناريوهين للتعرض اللذين يتسببان في اضطراب الساعة البيولوجية:

 (1) العمل الليلي المستمر .

(2) ظروف إضاءة معينة.

ما هي الأدلة التي تدعم استنتاجات مخاطر العمل الليلي المستمر؟

يستند هذا الاستنتاج إلى أدلة كافية على السرطنة من مجموعة الأدلة الجماعية للدراسات الوبائية للسرطان في السكان البشريين والدراسات الميكانيكية في على حيوانات التجربة في المختبر .

تقدم العديد من دراسات علم الأوبئة التي أجريت في مواقع جغرافية مختلفة وبين العمال ذوي المهن المختلفة دليلا على زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي بين العاملين في النوبات الليلية.

 أقوى دليل هو بالنسبة للعمال الذين يعانون من التعرض “المستمر” ، أي مدة أطول ، وتواتر أعلى ، وبدء العمل في نوبات ليلية في سن أصغر ، عندما تكون أنسجة الثدي أكثر عرضة للتعرض البيئي.

من الصعب تحديد الظروف الدقيقة للعمل الليلي المستمر ، حيث قد تعتمد المدة والتكرار على مجموعتهما المحددة.

على سبيل المثال ، وجد تحليل للبيانات المجمعة من خمس دراسات وبائية أعلى خطر للإصابة بسرطان الثدي بين النساء قبل انقطاع الطمث اللائي عملن ثلاث ليال على الأقل في الأسبوع لمدة 10 سنوات على الأقل.

وجدت دراسة أخرى أن النساء الأصغر سنا اللائي عملن في نوبات ليلية ثلاث مرات على الأقل في الشهر لمدة 20 عاما على الأقل لديهن خطر متزايد للإصابة بسرطان الثدي بأكثر من ضعفين. قد يعتمد خطر الإصابة بالسرطان أيضا على عوامل أخرى مثل القدرة على التكيف مع العمل بنظام الورديات أو السمات التي تزيد من التعرض للإصابة بالسرطان.

تظهر الدراسات الميكانيكية أن اضطراب الساعة البيولوجية يلعب دورا في تطور السرطان (على سبيل المثال ، الدراسات البشرية التي تظهر أن عمال النوبات الليلية يعانون من اضطراب الساعة البيولوجية ، والدراسات الحيوانية وغيرها من الدراسات  تظهر أن اضطراب الساعة البيولوجية مرتبط بالسرطان).

تظهر الدراسات التي أجريت على الحيوانات أيضا أن نظام النوبات أو اضطراب الرحلات الجوية الطويلة عن طريق تغيير أنماط الضوء والظلام بمرور الوقت تساهم في زيادة الإصابة بسرطان الثدي وأنواع أخرى من السرطان. وأظهرت دراسات أخرى أن العمل في النوبات الليلية يمكن أن يؤدي إلى نفس النوع من التأثيرات البيولوجية في البشر والحيوانات التي تسببها عادة المواد المسرطنة المعروفة.

ما هي الأدلة ؟

أظهرت الدراسات التي أجريت على التجارب أن التعرض للضوء في الليل يمكن أن يكون له تأثيرات متعددة. وقد ثبت أن هذا التعرض يسبب اضطرابا في الساعة البيولوجية (كما يتضح من كبح افراز الميلاتونين والتغيرات في جينات الساعة ، على سبيل المثال) ويعزز تكاثر الأورام ونموها. يتم التوسط في نمو الورم عن طريق اضطراب الساعة البيولوجية ، من بين عوامل أخرى. على سبيل المثال ، تشير بعض الدراسات إلى أن تشكل وتطور الورم يتم بوساطة جزئية عن طريق انخفاض مستويات هرمون الميلاتونين.

 الميلاتونين الطبيعي يمنع نمو الورم

يرتبط التعرض للضوء في الليل في الدراسات التي أجريت على الحيوانات أيضا بالتأثيرات البيولوجية الأخرى المرتبطة بالسرطان ويمكن أن تعزز نمو الورم

في البشر ، كما تبين أن التعرض للضوء في الليل يقلل من مستويات الميلاتونين ليلا.

هل هناك طرق للوقاية من السرطان ؟

يقدم المعهد الوطني للسلامة والصحة المهنية (NIOSH) العديد من الدورات التدريبية وقد أعد مدونة علمية للأشخاص الذين يعملون في نوبات العمل وساعات طويلة ، مثل الممرضات أو المستجيبين الأوائل. معلومات إضافية يتم تقديمها أيضا على موقع إدارة السلامة والصحة المهنية.

خلصت ورشة عمل دولية حديثة لخبراء العمل في النوبات الليلية إلى أن جداول العمل في النوبات الليلية التي تقلل من اضطراب الساعة البيولوجية قد تقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي. وأوصوا بأن جداول النوبات الليلية يجب لا تحتوي على أكثر من ثلاث نوبات ليلية متتالية ، وفترات مناوبة لا تقل عن 11 ساعة ، ومدة مناوبة تسع ساعات أو أقل .

نصائح

من الضروري الحد من استخدام الإلكترونيات و الشاشات الساطعة قبل النوم.

هناك أيضا بعض التطبيقات التي يمكنها تقليل الضوء الأزرق من الأجهزة الإلكترونية خلال الساعات المجدولة.

يقلل الضوء الذي يتضمن أطوالا موجية طويلة (لونه أحمر وبرتقالي) من اضطراب الساعة البيولوجية.

استخدام الأجهزة التي تحتوي على وضع التحول الليلي الذي يقلل من انبعاثات الضوء الأزرق.

المصدر:

NTP Review of Shift Work at Night, Light at Night, and Circadian Disruption (nih.gov)