بقلم : د. بسام درويش
مستشار في الإعلام الصحي
تشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من أفراد المجتمع يبحثون عن المعلومات الصحية أو عن أي حالة مرضية عن طريق الانترنت بشكل أساسي باستخدام محرك البحث جوجل ، وذلك لسهولة الوصول الى المعلومات ، ولكن هل المعلومات التي يحصل عليها الشخص هي صحيحة ، أم ناقصة أم مضللة . و من وجهة نظري الشخصية أرى أن التحدي الأكبر الذي يواجه القطاع الصحي حالياً ليس السرطان أو الأمراض المزمنة ، أو الفيروسات أو الجراثيم ، وإنما فيروسات المعلومات المضللة او غير المبنية على الأدلة والبراهين العلمية ، و الخطر يكمن في أن قرارات تتخذ بناء على تلك المعلومات ، وبالتالي تكون النتائج خطيرة أو تنعكس على الصحة بشكل سلبي .
وللأسف أقول هناك فوضى في نشر المعلومات من قبل أطباء أو غيرهم ممن يبحثون عن الشهرة الالكترونية – ويحصلون عليها – بسبب عدم وجود جهة صحية رسمية تتصدى لهم أو ترد عليهم أو تصحح المفاهيم الخاطئة .
وبالمقابل نسمع في المؤتمرات الصحفية و في حملات التوعية الصحية مصطلح” التمكين ” ، طيب شيء جميل ، ولكن أين يكمن هذا التمكين ، و للعلم مفهوم التمكين يركز على الفرد سواء الصحيح الجسم أو المريض ، ونقصد به توفير المعلومات الصحية الصحيحة بطريقة مبسطة قابلة للفهم والتطبيق في حياتنا اليومية حتى تحدث التغيير التدريجي في السلوك ، ولكي تصبح الصحة بمفهومها الشامل أسلوب حياة ، مع التركيز على الوقاية أولا ، باعتبار أن كلفة المرض باهظة جداً وكلفة الوقاية من المرض زهيدة جداً .
التمكين الصحي هو حجر الزاوية في نهج الرعاية الصحية الذي يركز على المريض . وهو يسمح للمرضى بأخذ زمام المبادرة في اتخاذ القرارات المتعلقة برعايتهم الصحية ونوعية حياتهم ، بدلا من الامتثال السلبي للقرارات التي يتخذها الآخرون.
ويبقى السؤال ” هل لدينا في منطقتنا العربية (تمكين صحي)، و هل لدينا دراسات حول كيفية تأثير معالجة المعلومات الصحية عبر الإنترنت على التمكين الصحي، و جودة المعلومات ومصداقيتها ومدى تأثيرها على القرارات المتعلقة بالصحة ؟
كثيرة هي التساؤلات التي تحتاج إلى إجابات شافية ، حول التمكين الصحي ، وحول الحلول العملية في مجال ” محو الأمية الصحية ” ، ومن الأسئلة التي أرددها دائماً وأطرحها على ضيوفي في برنامج بلسم لتعزيز الصحة على إذاعة نور دبي السؤال التالي:
دمج التوعية الصحية في المناهج
لماذا لا يتم دمج التوعية الصحية ضمن المناهج التدريسية بشكل عملي وليس نظري ؟
، سواء ما يتعلق بمعرفة التغيرات التي تحصل في مرحلة الانتقال من مرحلة الطفولة الى الشباب ، و أهمية الفحص الذاتي للثدي الذي لا تقوم به العديد من الفتيات والسيدات ، وأهمية تفريش الاسنان والعناية بصحة الفم والأسنان بالطريقة الصحيحة ، وغسيل اليدين بالماء والصابون بالطريقة الصحيحة أيضاً ، وما أطرحه من تساؤلات يعتبر بديهياً وسلوكاً علينا الالتزام به ، ولكن واقع الحال غير ذلك . وما الذي ينقصنا حتى نضع “ الوقاية أولاً ” في المقدمة بدلاً من وضع ” العلاج “في المقدمة، لنتذكر جميعاً أن المعرفة قوة والصحة نعمة والالتزام واجب وطني ، ولهذا نرفع في بلسم لتطوير الرعاية الصحية شعار ” صحتي ثروة لوطني ” ، ولأن الصحة ليست مسؤولية وزارة الصحة لوحدها إنما هي مسؤوليتنا جميعاً كأفراد واعين يقظين في المجتمع ، مع تضافر جهود الجمعيات والمؤسسات الإعلامية وغيرها والشركات الخاصة ، فالصحة للجميع ومن خلال الجميع.
وللحديث بقية
للتواصل :
bassam@balsamhealthcare.com
www.healthinarabic.com