ما زالت هناك فجوة كبيرة ما بين الطبيب والمريض. يدخل المريض إلى عيادة الطبيب وفي ذهنه ثلاث إلى خمس أسئلة ، ويخرج من عيادة الطبيب وفي ذهنه تساؤلات عديدة دون إجابات شافية ، لهذا يلجأ إلى تجربة صديق أو إلى الانترنت و ” دكتور جوجل ” و أطباء أو ” مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي ” ، ويدخل في دوامة وحلقة مفرغة .
إذ ليست كل المعلومات التي توفرها المواقع التي يدخلها المريض قد تكون دقيقة أو مبنية على معايير وقيم وأخلاقيات مهنة الطب الإنسانية، و على الطب القائم على البراهين Evidence based medicine مهمة الطبيب الأساسية لا تقتصر فقط على وصفة الدواء، التي ترضي شركات الأدوية بشكل أساسي ، بل مهمته الجليلة تكمن في الاستماع للمريض وفهم حالته الصحية من خلال النظر للمريض من مفهوم الصحة الشاملة ، وتزويد المريض بالمعلومات المبسطة والكافية عن حالته الصحية لكي يتمكن المريض من إدارتها بالشكل الأمثل. وهذا الأمر ضروري ويتحقق من خلال منح المريض الوقت الكافي أثناء القصة المرضية قبل إجراء أي فحص أو وصف أي دواء.
للأسف أقول إن الكثير من المرضى قد لا يعرفون حالتهم الصحية ، ولا التأثيرات الجانبية للأدوية ، وكيف يمكنهم التمتع بجودة الحياة رغم ” المرض “. المشكلة تكمن في : أساليب التوعية الصحية التي تعتبر “مريضة “. النظام الصحي الذي يتطلب تقييمه جيداً. أخلاقيات الطب التي تعتبر لوحات تعلق على الجدار وليست ماثلة في الأذهان.
الطب مهمة انسانية نببلة غايتها الأساسية هي ” المريض أولا ” وليس الربح والثراء على حساب “آلام المرضى “.
كم أتمنى أن تتولى الجمعيات الطبية والمؤسسات الصحية وغيرها من المؤسسات المعنية بصحة وسلامة الإنسان التي تهدف إلى تحقيق #جودة الحياة ” ، الى تأسيس موسوعة صحية باللغة العربية وفق معايير أساسية لنشر المعلومات الصحية وتحديثها ، والرد على من ينشر معلومات بهدف ” الترويج لنفسه ” وليس بهدف تعزيز الصحة ، وفق أسس مبنية على البراهين وعلى أخلاقيات مهنة الطب والاعلام أيضاً. “الصحة بالعربي ” انطلقت منذ عامين لتكون البوابة الالكترونية للمعرفة الصحية ، هي حلم بادرت في إطلاقه كي يحقق الهدف ” محو الأمية الصحية ” ، فلو كتب أو ترجم كل طبيب مادة أو مقالاً أو دراسة في الشهر ، سيكون لدينا ” منهلاً ” لا ينضب من المعرفة الصحية بلغتنا الأم لغة الضاد التي درسنا بها الطب ولم تكن عائقاً_ كما يدعي البعض _ بل على المستوى الشخصي _كما غيري من الزملاء _ كانت دافعاً لنشر المعرفة باللغة العربية ،إذ ترجمت ونشرت كتبا ومطبوعات بالعشرات ، ودراسات ومقالات تقدر بالآلاف خلال مسيرة عملي في التوعية الصحية عبر وسائل الإعلام المختلفة . همسة
” ما يحدث ترويج للمرض والطبيب وليس بهدف _تعزيز جودة الحياة رغم المرض”.