الطب القائم على الأدلة العلمية:

يحسّن الرعاية ويقلّل التكاليف والأخطاء

د.بسام درويش

مستشار في الإعلام الصحي والتطوير الطبي

توحيد البروتوكولات العلاجية القائمة على الأدلة الطبية أصبح ضرورة ملحة لضمان تقديم رعاية صحية متكاملة وفعالة من حيث التكلفة، خصوصاً في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها النظام الصحي. إن تطبيق هذه البروتوكولات لا يساعد فقط في تحسين النتائج الصحية للمرضى، بل يساهم أيضًا في تقليل التباين في الممارسات الطبية بين مقدمي الرعاية المختلفين، الذين قد يأتون من خلفيات تعليمية متنوعة سواء من جامعات شرقية، غربية، أو آسيوية أو غيرها .

علاج أفضل وزيادة السلامة

تعتمد الرعاية الصحية القائمة على الأدلة على استخدام البحوث العلمية والبيانات المتاحة لتحديد أفضل أساليب العلاج. ومن أهم فوائد هذا النهج أنه يؤدي إلى تقليل الهدر في النظام الصحي، من خلال تقديم علاجات محددة وفعالة لكل حالة صحية، مما يقلل من الحاجة إلى تكرار الفحوصات أو الإجراءات غير الضرورية.

على سبيل المثال، في حالات جراحة القلب أو إدارة مرض السكري، فإن توحيد البروتوكولات العلاجية سيؤدي إلى تحسين نتائج العلاج وتقليل التباين بين مقدمي الرعاية، مما يقلل من الأخطاء الطبية ويعزز سلامة المريض. عندما يتبع جميع الأطباء نفس البروتوكولات، يساهم ذلك في تحقيق رعاية متكاملة وآمنة لجميع المرضى، بغض النظر عن مكان تقديم الرعاية أو خلفية الطبيب.

التحديات والفرص في المنطقة العربية

في منطقتنا العربية، يعتبر توحيد البروتوكولات العلاجية المستندة إلى الأدلة الطبية حلاً فعالاً لمواجهة التحديات التي يفرضها التنوع في خلفيات الأطباء الأكاديمية والممارسات الطبية. حيث يأتي الأطباء من دول وجامعات مختلفة مما قد يؤدي إلى تباين في أساليب العلاج. من خلال توحيد البروتوكولات، يتم ضمان تقديم رعاية موحدة وعالية الجودة لكل المرضى.

قياس النجاح

لقياس نجاح تطبيق هذه البروتوكولات، يمكن الاعتماد على مجموعة من المؤشرات مثل تحسين نتائج المرضى، تقليل معدلات إعادة الاستشفاء، وتقليل التكاليف الصحية. كذلك، يُعد رضا المرضى من أهم المؤشرات التي تعكس جودة الرعاية الصحية المقدمة.

مؤشرات الأداء

قياس النجاح عند تطبيق البروتوكولات العلاجية المستندة إلى الأدلة يتطلب متابعة دقيقة لمجموعة من المؤشرات الكمية والنوعية التي تضمن تحقيق الأهداف المطلوبة. فيما يلي بعض الطرق الرئيسية لقياس النجاح:

1. نتائج المرضى السريرية: تعتمد هذه المؤشرات على متابعة التحسن الصحي للمريض، مثل معدلات الشفاء، انخفاض معدلات الوفيات، وتحسن جودة الحياة العامة للمرضى بعد العلاج. على سبيل المثال، في حالات مثل جراحة القلب أو إدارة مرض السكري، يتم قياس مدى التحسن بناءً على مدى السيطرة على مستوى السكر أو نجاح الجراحة.
2. معدلات إعادة الدخول إلى المستشفى: يعتبر انخفاض عدد المرضى الذين يعودون إلى المستشفى بعد تلقيهم العلاج وفقًا للبروتوكول العلاجي الموحد مؤشرًا هامًا على جودة ونجاح العلاج.
3. معدلات الخطأ الطبي وسلامة المريض: تؤدي البروتوكولات الموحدة إلى تقليل التباين في الرعاية وبالتالي تقليل الأخطاء الطبية. يمكن قياس النجاح من خلال مراقبة معدلات الأخطاء والتأكد من وجود تحسينات في سلامة المرضى.
4. الالتزام بالبروتوكول: يمكن قياس نسبة التزام الأطباء بمراحل العلاج المعيارية المقررة في البروتوكولات الموحدة. كلما كان الالتزام أكبر، كلما كان هناك ضمان بجودة العلاج الموحد وتحقيق نتائج أفضل.
5. التكاليف المالية: واحدة من الأهداف الرئيسية للبروتوكولات العلاجية المبنية على الأدلة هي تقليل التكاليف الصحية. يمكن قياس النجاح من خلال مقارنة التكاليف قبل وبعد تطبيق البروتوكولات، مع مراعاة تقليل التكاليف الناتجة عن تجنب الفحوصات أو العلاجات غير الضرورية.
6. رضا المرضى: من خلال الاستطلاعات واستبيانات رضا المرضى، يمكن قياس مستوى رضاهم عن العلاج المقدم لهم. الرعاية التي تعتمد على البروتوكولات الموحدة عادةً تؤدي إلى تجربة علاجية محسنة وبالتالي زيادة في مستوى رضا المرضى.
7. الوقت المستغرق في العلاج: تطبيق بروتوكولات موحدة يقلل من التباين في الرعاية مما قد يسهم في تقليص مدة الإقامة في المستشفى، وهو مؤشر آخر يمكن من خلاله قياس كفاءة النظام.

أهمية هذه المؤشرات

عند اتباع البروتوكولات العلاجية المبنية على الأدلة، يتم تقليل التباين بين مقدمي الرعاية، خاصة في الأنظمة الصحية التي تتنوع فيها الخلفيات التعليمية للأطباء. عندما يتم توحيد الرعاية الصحية، يتم ضمان تقديم نفس مستوى الجودة في مختلف المؤسسات، مما ينعكس بشكل إيجابي على نتائج المرضى ويعزز من سلامتهم، ويقلل التكاليف على المستوى العام.

كلفة أقل وأداء أفضل

توحيد البروتوكولات العلاجية القائمة على الأدلة العلمية هو السبيل الأمثل لتحسين الرعاية الصحية في المنطقة العربية. إلى جانب تحسين نتائج المرضى وسلامتهم، يساهم هذا النهج في تقليل التكاليف الصحية وتحسين كفاءة النظام الصحي بشكل عام.

bassam@balsamhealthcare.com

المصادر ولمزيد من المعلومات:

:

• Geisinger Health System ProvenCare Program
• World Health Organization (WHO)
• Institute of Medicine (IOM)
• Dartmouth Institute for Health Policy & Clinical Practice