ترجمة وتحرير : د.بسام درويش

أظهرت أبحاث جديدة أن الجرثومة التي توجد عادة في فم الإنسان يمكن أن تنتقل إلى أورام القولون ويبدو أنها تسرع نموها.

قد تؤدي هذه النتيجة إلى رؤى جديدة في مكافحة سرطان القولون ، الذي يقتل أكثر من 52000 أمريكي كل عام ، وفقا لجمعية السرطان لأمريكية  .

نظر الباحثون في مركز فريد هاتشينسون للسرطان في سياتل في مستويات بكتيريا فموية معينة ، Fusobacterium nucleatum ، في أنسجة ورم القولون المأخوذة من 200  مريض بسرطان القولون  .

يحتوي الميكروب على عدة أنواع فرعية ، ولكن يبدو أن واحدا فقط ، يطلق عليه اسم Fna C2 ، مرتبط بورم الورم وليس الأنسجة السليمة ، حسبما ذكروا في 20 مارس في Nature. ظهر النوع الفرعي Fna C2 أيضا في كثير من الأحيان في عينات البراز التي تم جمعها من  مرضى سرطان القولون مقارنة بالأشخاص الأصحاء.

“لقد رأينا باستمرار أن المرضى الذين يعانون  من أورام القولون والمستقيم التي تحتوي على Fusobacterium nucleatum يعانون من ضعف البقاء على قيد الحياة وسوء التشخيص مقارنة بالمرضى الذين ليس لديهم ميكروب” ، قالت مؤلفة الدراسة المشاركة سوزان بولمان في بيان صحفي لمركز السرطان.

“الآن نجد أن نوعا فرعيا معينا من هذا الميكروب مسؤول عن نمو الورم” ، أضاف بولمان ، وهو باحث في ميكروبيوم السرطان في المركز. “إنه يشير إلى أن العلاجات والفحص الذي يستهدف هذه المجموعة الفرعية داخل الجراثيم سيساعد الأشخاص المعرضين لخطر أكبر للإصابة بسرطان  القولون والمستقيم الأكثر عدوانية.”

خلال بحثهم ، اكتشف الباحثون لأول مرة أن  بكتيريا F. nucleatum التي تستعمر الفم لها أنواع فرعية مميزة. لكن النوع الفرعي Fna C2 فقط لديه القدرة على الانتقال من الفم إلى المعدة ثم الانتشار في الجهاز الهضمي السفلي ، بما في ذلك القولون. 

في النهاية ، أظهرت 50٪ من أورام القولون التي تم اختبارها وجود النوع الفرعي Fna C2 من F. nucleatum . ووفقا للباحثين فإن هذا الأمر يفتح أبواباً جديدة في علاج أورام القولون والمستقيم ، وقد تكون “العلاجات الخلوية” القائمة على الميكروبات حدودا جديدة في مهاجمة سرطان القولون ، وأوضحوا أن هذه العلاجات استخدمت أشكالا معدلة من البكتيريا لتوصيل الأدوية مباشرة إلى الورم.

“لقد حددنا السلالة البكتيرية الدقيقة المرتبطة بسرطان القولون والمستقيم، وهذه المعرفة أمر بالغ الأهمية لتطوير طرق وقائية وعلاجية فعالة” ، وفقاً لما قاله المؤلف المشارك كريستوفر جونستون في البيان الصحفي. وهو عالم الأحياء الدقيقة الجزيئية في مركز فريد هاتشينسون للسرطان.

هل يمكن الوقاية من سرطان القولون والمستقيم؟

لا توجد طريقة مؤكدة للوقاية من سرطان القولون والمستقيم، ولكن الفحص يمكن أن يعثر على الخلايا غير الطبيعية قبل أن تصبح سرطانية. قد تتمكن أيضا من تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم عن طريق تغيير عوامل الخطرالتي يمكنك التحكم فيها.

فحص سرطان القولون والمستقيم

يعد الفحص المنتظم لسرطان القولون والمستقيم أحد أقوى الأدوات للوقاية من سرطان القولون والمستقيم.

من الوقت الذي تبدأ فيه الخلايا غير الطبيعية الأولى في النمو لتصبح سلائل ، عادة ما يستغرق الأمر حوالي 10 إلى 15 عاما حتى تتطور إلى سرطان القولون والمستقيم. مع الفحص المنتظم ، يمكن العثور على معظم الاورام الحميدة وإزالتها قبل أن تتاح لها الفرصة للتحول إلى سرطان. يمكن أن يكتشف الفحص أيضا سرطان القولون والمستقيم مبكراً ، عندما يكون صغيرا ، ولم ينتشر ، وقد يكون علاجه أسهل.

إذا كان عمرك 45 عاما أو أكثر ، فيجب أن تبدأ في إجراء فحص لسرطان القولون والمستقيم. يمكن استخدام عدة أنواع من الاختبارات. تحدث إلى طبيب الاسرة أو مقدم الرعاية الصحية الخاص بك حول أي منها قد يكون خيارا جيدا لك. بغض النظر عن الاختبار الذي تختاره ، فإن أهم شيء هو إجراء الاختبار.

إذا كان لديك تاريخ عائلي قوي من سلائل القولون والمستقيم أو السرطان، فتحدث مع طبيبك حول خطر إصابتك. قد تستفيد من الاستشارة الوراثية لمراجعة الشجرة الطبية لعائلتك لمعرفة مدى احتمالية إصابتك بمتلازمة الأورام السرطانية العائلية .

الوزن والنشاط البدني و الغذاء

يمكنك تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم عن طريق إدارة نظامك الغذائي ونشاطك البدني.

الوزن: زيادة الوزن أو السمنة تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى كل من الرجال والنساء ، ولكن يبدو أن الرابط أقوى عند الرجال. إذ يساعد الحفاظ على وزن صحي في تقليل المخاطر.

النشاط البدني: أن تكون أكثر نشاطا يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم والأورام الحميدة. يمكن أن يقلل النشاط المعتدل إلى القوي المنتظم من المخاطر. إذ تساعد زيادة مقدار وشدة نشاطك البدني في تقليل المخاطر.

النظام الغذائي: بشكل عام ، الوجبات الغذائية التي تحتوي على نسبة عالية من الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة ، ومنخفضة في اللحوم الحمراء والمعالجة ، تقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم ، على الرغم من أنه ليس من الواضح تماما أي العوامل مهمة. وجدت العديد من الدراسات وجود صلة بين اللحوم الحمراء (لحم البقر ولحم الخنزير ولحم الضأن) أو اللحوم المصنعة (مثل النقانق والنقانق ولحوم الغداء) وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

في السنوات الأخيرة ، أظهرت بعض الدراسات الكبيرة أدلة متضاربة على أن الألياف في النظام الغذائي تقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. ولا تزال البحوث جارية في هذا المجال.

 يساعد الحد من اللحوم الحمراء والمعالجة وتناول المزيد من الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة في تقليل المخاطر.

الكحول: وجدت العديد من الدراسات زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم مع زيادة تناول الكحول، خاصة بين الرجال. من الأفضل عدم شرب الكحول. إذ يساعد عدم شرب الكحول في تقليل المخاطر.

الإقلاع عن التدخين

يرتبط التدخين على المدى الطويل بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم ، بالإضافة إلى العديد من أنواع السرطان والمشاكل الصحية الأخرى. ويساعد الإقلاع عن التدخين في تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم والعديد من أنواع السرطان الأخرى أيضا. إذا كنت تدخن وترغب في الإقلاع عن التدخين يمكنك التواصل مع طبيب العائلة .

الفيتامينات والكالسيوم والمغنيزيوم

تشير بعض الدراسات إلى أن تناول الفيتامينات المتعددة اليومية التي تحتوي على حمض الفوليك قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم ، ولكن لم تجد جميع الدراسات ذلك. في الواقع ، ألمحت بعض الدراسات إلى أن حمض الفوليك قد يساعد الأورام الموجودة على النمو. هناك حاجة إلى مزيد من البحث في هذا المجال.

اقترحت بعض الدراسات أن فيتامين (د) ، الذي يمكنك الحصول عليه من التعرض لأشعة الشمس ، أو في بعض الأطعمة ، أو في حبوب فيتامين ، قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. أظهرت الدراسات أن انخفاض مستويات فيتامين (د) يرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم ، بالإضافة إلى أنواع السرطان الأخرى. بسبب المخاوف من أن التعرض الزائد لأشعة الشمس يمكن أن يسبب سرطان الجلد ، لا يوصي معظم الخبراء بذلك كوسيلة لتقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في هذا الوقت. هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتحديد ما إذا كانت زيادة تناول فيتامين (د) من مكمل يمكن أن تساعد في الوقاية من سرطان القولون والمستقيم. من الأفضل التحدث مع طبيبك حول ما إذا كان يجب اختبار مستوى فيتامين (د) لديك.

تم ربط المستويات المنخفضة من الكالسيوم الغذائي بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في بعض الدراسات. يقترح آخرون أن زيادة تناول الكالسيوم قد يقلل من خطر تكرار أورام القولون والمستقيم الغدية.

الكالسيوم مهم لعدد من الأسباب الصحية بصرف النظر عن الآثار المحتملة على خطر الإصابة بالسرطان. ولكن بسبب احتمال زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يتناولون كميات كبيرة من الكالسيوم / منتجات الألبان ، واحتمال انخفاض خطر الإصابة بسرطانات أخرى مثل سرطان القولون والمستقيم وسرطان الثدي ، ليس لدى جمعية السرطان الأمريكية أي توصيات محددة بشأن استهلاك منتجات الألبان للوقاية من السرطان.

قد يعمل الكالسيوم وفيتامين (د) معا لتقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، حيث يساعد فيتامين (د) في امتصاص الجسم للكالسيوم. ومع ذلك ، لم تجد جميع الدراسات أن مكملات هذه العناصر الغذائية تقلل من المخاطر.

وجدت بعض الدراسات صلة محتملة بين اتباع نظام غذائي غني بالمغنيزيوم وتقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، خاصة بين النساء. هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد ما إذا كان هذا الرابط موجودا.

العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات

وجدت العديد من الدراسات أن الأشخاص الذين يتناولون الأسبرين بانتظام أو غيره من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) ، مثل الأيبوبروفين (Motrin ، Advil) والنابروكسين (Aleve) ، لديهم خطر أقل للإصابة بسرطان القولون والمستقيم والسلائل.

لكن الأسبرين ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية الأخرى يمكن أن تسبب آثارا جانبية خطيرة أو حتى مهددة للحياة ، مثل النزيف من تهيج المعدة أو قرحة المعدة ، والتي قد تفوق فوائد هذه الأدوية لعامة الناس. لهذا السبب ، لا توصي جمعية السرطان الأمريكية بتناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية من أجل تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم .

ومع ذلك ، بالنسبة لبعض الأشخاص في 50s الذين لديهم مخاطر عالية للإصابة بأمراض القلب ، حيث وجد أن جرعة منخفضة من الأسبرين مفيدة ، قد يكون للأسبرين أيضا فائدة إضافية تتمثل في تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

لأن الأسبرين أو مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية الأخرى يمكن أن يكون لها آثار جانبية خطيرة ، استشر طبيبك قبل البدء في أي منها على أساس منتظم.

الهرمونات البديلة

أظهرت بعض الدراسات أن تناول الأستروجين والبروجسترون بعد انقطاع الطمث (يسمى أحيانا العلاج الهرموني بعد انقطاع الطمث أو العلاج بالهرمونات البديلة المركبة) قد يقلل من خطر إصابة المرأة بسرطان القولون والمستقيم، لكن دراسات أخرى لم تفعل ذلك.

نظرا لأن تناول الأستروجين والبروجسترون بعد انقطاع الطمث يمكن أن يزيد أيضا من خطر إصابة المرأة بأمراض القلب والجلطات الدموية وسرطانات الثدي والرئة ، فلا ينصح عادة بتقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

إذا كنت تفكرين في استخدام العلاج الهرموني بعد انقطاع الطمث، فتأكدي من مناقشة المخاطر والفوائد مع طبيبك.

المصدر:

مركز فريد هاتشينسون للسرطان

A Bacteria in the Mouth Might Speed Colon Cancers (medicinenet.com)

The American Cancer Society medical and editorial content team