Connect with us

المنتدى الصحي

تحديات التعليم الطبي المستمر ..هل المؤتمرات للتواصل الاجتماعي أم لتبادل الخبرات ؟

د.بسام درويش
مستشار في الإعلام الصحي والتطوير الطبي
يعدّ التعليم الطبي المستمر (CME) ضرورة ملحة للحفاظ على تحديث المهنيين الصحيين وتزويدهم بأحدث المهارات والمعرفة. إلا أن التعليم الطبي المستمر يواجه عدة تحديات تؤثر على فعاليته وسهولة الوصول إليه وإمكانية الاستفادة منه. إن فهم هذه التحديات واستكشاف حلول عملية يمكن أن يحسن من جودة التعليم الطبي المستمر ويزيد من أثره الإيجابي، مما يعود بالفائدة على مقدمي الرعاية الصحية والمرضى على حد سواء.
هل التعليم الطبي المستمر بحاجة إلى تطوير وتغيير؟
من الواضح أن هناك حاجة لتطوير التعليم الطبي المستمر حتى يتمكن من مواجهة التحديات المتغيرة وتحقيق أكبر فائدة للممارسين الصحيين. رغم أهمية التعليم المستمر، فإن التحديات التي تواجهه، مثل القيود الزمنية، وارتفاع التكلفة، وصعوبة الوصول إلى محتوى عالي الجودة، تقلل من فعاليته. وفقًا لدراسة للجمعية الطبية الأمريكية، ذكر أكثر من 70% من الأطباء أن قلة الوقت هي العائق الأساسي أمام متابعة التعليم المستمر. كما أوضحت دراسات أخرى أن التكلفة تشكل عائقًا كبيرًا، خاصة للأطباء في التخصصات ذات الرواتب المتوسطة أو في المناطق النائية.
التحديات الرئيسية في التعليم الطبي المستمر

  1. قيود الوقت وضغوط العمل
    يعمل المهنيون الصحيون، خاصة الأطباء، لساعات طويلة مما يترك وقتًا محدودًا لأنشطة التعليم المستمر. كذلك، يواجهون صعوبة في الموازنة بين العمل والحياة الشخصية والتطور المهني.
  2. التكاليف العالية للبرامج والمؤتمرات
    تتطلب العديد من برامج التعليم المستمر استثمارًا ماليًا كبيرًا، خاصة تلك التي تقدمها المؤسسات المعروفة. تشمل هذه التكاليف رسوم التسجيل، والسفر، والإقامة، مما يجعل من الصعب على الكثيرين تحمل تكاليفها.
  3. جودة وملاءمة المحتوى التعليمي
    تختلف جودة البرامج من مكان لآخر، وقد لا تتناسب مع الاحتياجات الخاصة للتخصصات الفرعية، مما يخلق فجوة بين ما يقدمه التعليم المستمر وما يحتاجه الأطباء فعلاً في الممارسة.
  4. صعوبة دمج المعرفة في الممارسة السريرية
    يواجه مقدمو الرعاية الصحية تحديات في تطبيق ما تعلموه في التعليم المستمر بسبب بروتوكولات العمل القديمة أو نقص الدعم من الإدارة، مما يجعل التعليم المستمر أقل تأثيرًا على نتائج المرضى.
  5. الحواجز التقنية واللوجستية
    في البرامج المقدمة عبر الإنترنت، قد تشكل البنية التحتية غير الكافية عائقًا، خاصة في المناطق ذات الموارد المحدودة. كما أن ضعف التفاعل مع الأدوات الرقمية يمكن أن يقلل من فعالية التعليم الافتراضي.
    هل المؤتمرات الطبية للتعلم أم للتواصل الاجتماعي؟
    يذهب الأطباء إلى المؤتمرات لعدة أسباب، منها التعلم واكتساب المعرفة الجديدة، لكن هناك بعض المؤتمرات التي يتحول حضورها إلى فرصة للتواصل الاجتماعي والحصول على شهادات الاعتماد دون التركيز العميق على المحتوى التعليمي. تتطلب هذه الفعاليات مزيدًا من التركيز على إنشاء برامج تعليمية مفيدة، وتحفيز الحضور على الاستفادة الحقيقية من المحتوى، بدلاً من مجرد الحصول على شهادات الحضور.
    كيف يمكن أن يكون الطبيب طالبًا دائمًا في التعليم؟
  6. تطوير برامج التعليم الطبي المستمر بأساليب مرنة ومجزأة
    ينبغي تصميم برامج قصيرة تتيح للطبيب متابعة التعليم على مراحل، مثل وحدات تعليمية مصغرة قابلة للتكامل مع جدول الطبيب المزدحم. يمكن للأطباء أن يكملوا هذه الدورات عبر الأجهزة المحمولة، مما يعزز من سهولة الوصول.
  7. دعم مالي وخيارات تعليم مستمر منخفضة التكلفة
    يمكن للشركات الصحية والجمعيات المهنية أن توفر برامج تعليمية مجانية أو مدعومة، مما يسهل الوصول إلى التعليم المستمر. يمكن للمنح الدراسية والتعليم المدعوم من قبل صاحب العمل أن يساهم في تخفيف الأعباء المالية عن الأطباء.
  8. محتوى مخصص ومناسب لكل تخصص
    يجب أن يقدم التعليم الطبي المستمر محتوى متخصصًا يناسب احتياجات كل مجال طبي ويشمل حالات محاكاة واقعية. هذا النوع من التعليم يتيح للأطباء استكشاف المهارات التي يحتاجونها مباشرة في ممارساتهم.
  9. استخدام أساليب تفاعلية وجاذبة للتعليم
    تساعد المناقشات القائمة على الحالات، والمحاكاة الافتراضية، وتقنيات الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) في زيادة التفاعل بين الأطباء والمحتوى، مما يعزز من الدافعية ويزيد من استفادتهم من التعليم المستمر.
  10. دمج التعليم مع الممارسة السريرية
    يجب أن يكون هناك دعم مؤسسي يسمح بتطبيق المعرفة الجديدة في الممارسة العملية. يتطلب ذلك تحديث البروتوكولات وتوفير الموارد الضرورية لتسهيل تنفيذ أفضل الممارسات.الاستفادة من التكنولوجيا لتوسيع الوصول للتعليم
    تتيح المنصات عبر الإنترنت، والتطبيقات، والمؤتمرات الافتراضية وصول الأطباء إلى التعليم المستمر بمرونة أكبر، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي. يمكن للندوات عبر الإنترنت أو الجلسات المباشرة أن تسهل الوصول وتقلل من التكاليف.
    نماذج ناجحة للتعليم الطبي المستمر
  1. جامعة هارفارد – الولايات المتحدة: توفر جامعة هارفارد برامج تعليمية عبر الإنترنت للأطباء تغطي أحدث التطورات في مجالات الطب المختلفة. تتيح هذه البرامج المشاركة للأطباء حول العالم دون الحاجة إلى الحضور الجسدي.
  2. مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب (ESC): يعتبر من أكبر المؤتمرات الطبية في أوروبا، حيث يتيح للأطباء فرصة للتعلم والتفاعل مع زملاء المهنة والخبراء. يعتمد المؤتمر على ورش عمل وتقديم حالات عملية تعزز من مهارات الأطباء.
  3. جامعة ستانفورد – الولايات المتحدة: تقدم الجامعة برامج تعليمية تفاعلية باستخدام الواقع الافتراضي، مما يمنح الأطباء خبرة عملية في تخصصات مثل الجراحة. تشير الدراسات إلى أن هذه التجربة تزيد من كفاءة الأطباء بنسبة تصل إلى 60%.
    تحتاج برامج التعليم الطبي المستمر إلى تطوير وتغيير بحيث تصبح أكثر توافقًا مع احتياجات الأطباء في العصر الحالي. يتطلب ذلك وضع حلول للتحديات المرتبطة بالوقت، والتكلفة، والجودة، والملاءمة، والدمج مع الممارسة السريرية. التعليم الطبي المستمر ليس مجرد وسيلة للحصول على شهادات الاعتماد، بل هو أداة رئيسية لضمان تحسين جودة الرعاية الصحية ونتائج المرضى. بتحقيق هذا التحول، يمكن أن يصبح الطبيب طالبًا مستمرًا في مهنته، ملتزمًا بالتعلم وتطوير مهاراته مدى الحياة، بما يعود بالنفع على الجميع.
    bassam@balsamhealthcare.com

Continue Reading

مقالات شائعة