تحدي دبي 30×30: رحلة اللياقة البدنية من “كن رياضياً” إلى منصة عالمية
د. بسام درويش مستشار في الإعلام الصحي والتطوير الطبي
دبي، المدينة التي لا تعرف حدوداً في الطموح والابتكار، خطت خطوات رائدة في مجال تعزيز الصحة والرفاهية. بدأت الرحلة منذ سنوات طويلة عندما أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حينما كان ولي عهد دبي، برنامج “كن رياضياً”، وهو مبادرة استثنائية من برنامج الفريق أول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للرياضة واللياقة البدنية بالتعاون مع إدارة الشؤون الرياضية في القيادة العامة لشرطة دبي. ساهمت المبادرة في تعزيز ثقافة الرياضة بين الشباب و طلبة المدارس ، ليس فقط لتحسين صحتهم، بل لخلق جيل يمتلك الطاقة والإبداع لمواجهة المستقبل. كانت هذه المبادرة بمثابة منصة لتمكين الشباب وإعدادهم ليكونوا قادة الغد، مزودين بالطاقة والقوة اللازمة لمواجهة تحديات الحياة. اليوم، يقود الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم، ولي عهد دبي، الرؤية ذاتها من خلال تحدي دبي 3030 x ، الذي انطلق في عام 2017 ليكون منصة عالمية تشجع أكثر من 200 جنسية في دبي على جعل النشاط البدني جزءاً أساسياً من حياتهم اليومية، في مبادرة استثنائية تجمع بين الصحة، الابتكار، والتنمية المستدامة.
البداية: “كن رياضياً” نموذج للشباب برنامج “كن رياضياً” الذي أطلقه الشيخ محمد بن راشد كان يستهدف الشباب كقوة محركة للمجتمع، وركز على: o تعزيز الصحة البدنية والعقلية: من خلال أنشطة رياضية متنوعة تناسب جميع المستويات. o تنمية روح الفريق والتفاعل الاجتماعي: عبر الرياضات الجماعية التي تعزز العلاقات الإيجابية. o غرس عادات صحية مستدامة: لخلق جيل يمتلك وعيًا صحيًا وأساليب حياة نشطة. التحول إلى تحدي دبي 3030 x في عام 2017، أطلق الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم تحدي دبي للياقة 3030 x كخطوة ملهمة لبناء مجتمع أكثر نشاطاً وصحة. فكرة التحدي • ممارسة النشاط البدني لمدة 30 دقيقة يومياً على مدار 30 يوماً. • تحويل اللياقة البدنية إلى أسلوب حياة لجميع السكان والزوار في دبي. التأثير العالمي تحدي دبي 30×30 استقطب في نسخته الأولى 750,000 مشارك، وفي عام 2022 تجاوز عدد المشاركين 1.5 مليون شخص، ليصبح منصة رياضية واجتماعية تجمع بين مختلف الثقافات والجنسيات.
لماذا يُعد تحدي دبي نموذجاً فريداً؟ تصميم يناسب الجميع عدد كبير من الفعاليات الرياضية المجانية. أنشطة متنوعة تشمل الجري، اليوغا، الرياضات المائية، والدراجات الهوائية. فعاليات موجهة للعائلات لتشجيع التفاعل الاجتماعي وتعزيز الروابط الأسرية. الابتكار في تعزيز الصحة استخدام التكنولوجيا الذكية عبر تطبيقات لياقة تتبع تقدم المشاركين وتحفزهم. تنظيم فعاليات مبتكرة مثل تحديات اللياقة على الشواطئ والمسارات العامة.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي العائد الاقتصادي على الاستثمار في اللياقة البدنية وأهميتها في مكان العمل • الاستثمار في اللياقة البدنية داخل بيئات العمل لم يعد رفاهية، بل أصبح استراتيجية اقتصادية تعود بفوائد متعددة على الأفراد والمؤسسات على حد سواء. تشير الدراسات في جامعة هارفارد الطبية إلى أن كل دولار يُستثمر في برامج اللياقة البدنية يعود بعائد قدره 6 دولارات، من خلال تقليل التكاليف الصحية وتحسين إنتاجية الموظفين. • وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن النشاط البدني المنتظم يقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب بنسبة تصل إلى 25%، مما يقلل من العبء المالي على أنظمة الرعاية الصحية للشركات. كما أظهرت دراسة من هارفارد أن الشركات التي تبنت برامج لياقة بدنية شهدت انخفاضًا في معدلات التغيب بنسبة 27% وزيادة في إنتاجية الموظفين بنسبة 15%. • اللياقة البدنية في مكان العمل لا تقتصر على تحسين صحة الموظفين، بل تخلق بيئة عمل أكثر إيجابية، تُعزز من التفاعل الاجتماعي، وتُقلل من الإجهاد. كما أنها تُسهم في جذب المواهب الجديدة والحفاظ على الموظفين الحاليين، مما يعزز من تنافسية المؤسسة في السوق. • من الناحية الاقتصادية، تُعد اللياقة البدنية استثمارًا ذكيًا يدعم أهداف المؤسسات ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة على المدى الطويل، حيث يصبح الموظفون أكثر صحة وسعادة وإنتاجية.
الصحة والتنمية المستدامة: رؤية دبي المستقبلية ينسجم تحدي دبي 3030 x مع أهداف التنمية المستدامة لدولة الإمارات العربية المتحدة. • تحسين الصحة العامة: النشاط البدني يقلل من مخاطر الأمراض ويعزز جودة الحياة. • تعزيز الإنتاجية: الشركات التي تشجع موظفيها على النشاط البدني تقلل من التغيب وتزيد من الكفاءة. • دعم الاقتصاد الصحي: اللياقة تقلل من تكاليف الرعاية الصحية طويلة الأمد.
رسائل ملهمة من القيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قالها بوضوح: “إذا كانت لياقتك البدنية جيدة ستكون مفيداً… لا تجلس خاملاً، وإلا ستكون قد خرجت من السباق.” هذه الرؤية تترجم في تحدي دبي 3030 x ، حيث يلتقي النشاط والإبداع ليشكلا نمط حياة متكامل.
التوصيات • توسيع نطاق التحدي: تعزيز المشاركة في التحدي طوال العام من خلال برامج رياضية دائمة. • تطوير البنية التحتية: إنشاء مسارات رياضية ومساحات خضراء تشجع السكان على النشاط البدني ، وهذا بات متوفراً في العديد من الأحياء السكنية ، والمناطق الخارجية في إمارة دبي ، حيث يمتد مسار المشي في الشواطئ لمسافات بعيدة ، وكذلك الحال بالنسبة لمسارات الدراجات الهوائية ، وغيرها أيضاً. • تعزيز اللياقة في بيئات العمل: تقديم حوافز للشركات التي تطبق برامج لياقة لموظفيها. وتشجيع الموظفين على الالتزام بالرياضة ومنحهم مكافآت وحوافز تشجيعية . • استخدام التكنولوجيا الذكية: تقديم تطبيقات مبتكرة تتبع أداء الأفراد وتقدم نصائح لتحسين لياقتهم. • التعاون الدولي: مشاركة تجربة دبي مع مدن أخرى لتوسيع نطاق التأثير الإيجابي على الصحة العالمية. • تشجيع الرياضة والأنشطة الرياضية التنافسية في المدارس والجامعات .
مجرد مثال
وفرت دبي مسارات آمنة للمشي والجري وممارسة رياضة الدراجات الهوائية وغيرها في الأحياء والشواطئ والحدائق ولمسارات طويلة خارج الإمارة.
مسار ند الشبا للدراجات
يقع مسار ند الشبا للدراجات الهوائيّة قرب مضمار ميدان، ويتمتّع بإطلالات خلّابة على وسط مدينة دبي وبرج خليفة. يضم المسار ثلاث مسافات هي 4 كم و 6كم و 8كم، بالإضافة إلى خزائن وغرف مُكيّفة لتبديل الملابس وأماكن للاستحمام كما تتم إضاءته ليلاً. يضمّ المكان أيضاً مساراً خاصّاً بالأطفال مع إشارات مرور ومطبّات ودوّارات تعليميّة للصغار.
دبي: رسالة إلهام للعالم من برنامج “كن رياضياً” إلى “تحدي دبي 30X30، قدمت دبي نموذجًا فريدًا يثبت أن الاستثمار في اللياقة البدنية ليس رفاهية أو خيارًا إضافيًا، بل هو جوهر أساسي لتحسين جودة الحياة وتعزيز التنمية المستدامة. دبي لم تكتفِ بتحقيق أهداف صحية محلية، بل قدمت للعالم رؤية ملهمة: عندما تمتزج الصحة بالإبداع، تتحول الرياضة إلى لغة مشتركة تجمع المجتمعات، وتُعزز روح الابتكار، وترسم ملامح مستقبل نابض بالحياة. في مدينة تقودها الرؤية والطموح، تصبح اللياقة البدنية أكثر من مجرد نشاط؛ إنها أسلوب حياة يلامس كل فرد، كل أسرة، وكل مجتمع. دبي تقدم رسالة للعالم أن الصحة مسؤولية مشتركة، وأن بناء الإنسان هو الخطوة الأولى نحو بناء مستقبل أفضل. “في مدينة المستقبل التي تصنعها دبي، لا يكون النشاط البدني مجرد تحدٍ، بل ثقافة تُعيد تعريف جودة الحياة، ورسالة تُلهم العالم ليخطو بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر صحة واستدامة.” bassam@balsamhealthcare.com