ترجمة وتحرير : د.بسام درويش

 

يقول الخبراء إن طريقة تفكير المريض ويقظته الذهنية مهمة في الشفاء وتستحق المزيد من الدراسة، ولهذا يشجع الباحثون إجراء المزيد من الدراسات في هذا المجال ، وتركيز مقدمي الرعاية الصحية على أهمية عقلية الشخص ويقظته الذهنية والدعم الاجتماعي ودورها في الشفاء.

أظهرت مجموعة متزايدة من الأبحاث أن عقليات الناس يمكن أن تؤثر بشكل ملموس على الشفاء الجسدي، إضافة إلى الدعم الاجتماعي ، بما في ذلك علاقات المرضى مع أطبائهم ، وكذلك توقعات المرضى حول الشفاء .

في تقرير نشر على الإنترنت في 15 فبراير  في المجلة الطبية البريطانية ، دعا الباحثون في جامعة ستانفورد المزيد من مقدمي الرعاية الصحية إلى التركيز على أهمية طريقة تفكير المريض ويقظته الذهنية والدعم الاجتماعي في الشفاء.

تحث د.علياء كروم ، أستاذ مساعد في علم النفس ، المؤلفة الرئيسية لهذه الدراسة والمؤلفون المشاركون الباحثين على تطوير المزيد من الدراسات التي تقيس الآثار الجسدية لهذه العناصر النفسية والاجتماعية لفهم وقياس تجارب المرضى الذاتية للتوقعات والاتصال والثقة.

تقول كروم:

 “لقد شعرنا بالحيرة منذ فترة طويلة من تأثير الدواء الوهمي”. “لكن تأثير الدواء الوهمي ليس استجابة غامضة لحبوب السكر. إنه التأثير القوي والقابل للقياس لثلاثة مكونات:

• قدرة الجسم الطبيعية على الشفاء .
• عقلية المريض وطريقة تفكيره .
• الدعم الاجتماعي.

عندما نبدأ في رؤية تأثير الدواء الوهمي على حقيقته ، يمكننا التوقف عن استبعاده باعتباره غير ضروري طبيا ويمكننا العمل على تسخير مكوناته الأساسية عمدا لتحسين الرعاية الصحية “.

القوة العقلية

إن طريقة مقدم الرعاية الصحية بجانب السرير مهمة ، وما يفكر فيه المرضى ويتوقعونه حول العلاجات يمكن أن يؤثر على النتائج الصحية.

لكن أنظمة الرعاية الصحية والتعليم في الولايات المتحدة لا تركز عموما على التدريب النفسي والاجتماعي. ونتيجة لذلك، يأخذ الأطباء الجدد والعاملون في مجال الرعاية الصحية دورات قليلة حول كيفية تكوين علاقات ذات مغزى مع المرضى بشكل فعال وأفضل السبل لمساعدتهم على تبني عقليات مفيدة.

تعمل كروم و فريق العمل من الباحثين على ضرورة تركيز أنظمة الرعاية الصحية والتعليم على إعطاء الأولوية لدور القوى النفسية والاجتماعية في الشفاء.

على سبيل المثال ، يجب على كليات الطب تطوير المزيد من التدريب الذي يساعد الطلاب والمقيمين على استخدام نقاط قوتهم الشخصية للتواصل مع المرضى وتعلم أفضل الطرق لتسخير الدعم الاجتماعي وعقلية المريض.

يقول كاري ليبويتز ، طالب دراسات عليا ومؤلف مشارك في الدراسة :

“يجب أن يتعلق الأمر بتصميم منهج رسمي لكلية الطب ينسج كل هذا طوال فترة التدريب” ، لذلك لا يتم ذكرها فقط في فصل أو فصلين أو تدريسها لفصل دراسي واحد ثم نسيانها.”

يدعو المؤلفون أيضا إلى إصلاح التجارب العشوائية القياسية في نظام الرعاية الصحية. عند فحص آثار دواء جديد ، يجب على الباحثين تضمين ، بالإضافة إلى الأدوية الوهمية ، الحالات الطبيعية ، التي لا تستخدم الدواء الوهمي ، إلى جانب الحالات التي تشمل الدعم الاجتماعي والعقلية المتغيرة. وقال كروم إن هذا سيساعد الباحثين على فهم كيف يمكن للمعتقدات والتسميات والسياق أن تساعد في تضخيم أو تقليل آثار الدواء والعلاج.

ومع ذلك، فإن هذه الإصلاحات تتطلب بحثا إضافيا يبني المزيد من الأدلة العلمية على أهمية آثار الدعم الاجتماعي و طريقة التفكير واليقظة الذهنية وآلية اتخاذ القرار.

إن أخذ الوقت والطاقة لتطوير العلاقات بين مقدم الخدمة والمريض أمر بالغ الأهمية ، ونحن نعلم أنه يحدث فرقا، وعلى الطبيب الحكيم أن يركز أثناء مقابلة المريض على القصة المرضية المفصلة وفهم حالة المريض من مختلف جوانبها ، وأن يوضح للإدارة أن الوقت الذي يقضيه مع المريض  لبناء علاقات ثقة وتشكيل عقليات تكيفية ، توفر لنا جميعا المال.

وفي هذا الصدد يقول فيرجيز ، مدير مركز ستانفورد متعدد التخصصات Presence ، الذي يدافع عن تجربة المريض في الطب ، بتدريس قيمة الاتصال لسنوات.

“الطبيب الحكيم والمخضرم يفعل الكثير من هذا بشكل حدسي”

 “ما ينقصنا هو العلم الذي يقف وراءه والهيكل لمساعدة الأطباء على فهم هذه القوى النفسية والاجتماعية حتى يتمكنوا من الاستفادة منها عمدا في الرعاية الصحية.”

تأثير الدواء الوهمي

على مدى السنوات الـ 30 الماضية ، أظهرت الأبحاث البيولوجية العصبية أن تأثير الدواء الوهمي ، الذي ينبع جزئيا من طريقة تفكير الشخص أو توقعه للشفاء ، يؤدي إلى مناطق دماغية مميزة مرتبطة بالقلق والألم التي تنشط التأثيرات الفيزيولوجية التي تؤدي إلى نتائج الشفاء.

يمكن أن تؤدي طريقة التفكير أيضا إلى تأثيرات سلبية أو “nocebo”. على سبيل المثال ، تبين أن المرضى لديهم استجابة عالية للألم بعد إبلاغهم بأن الحقن سيؤذي. أولئك الذين قيل لهم عن الآثار الجانبية السلبية المحتملة للدواء كان لديهم وجود متزايد لتلك الآثار.

المزيد من الدراسات

أشارت كروم:

 “نحن نعلم أن العوامل النفسية والاجتماعية تعمل في مجال الصحة في الشفاء ، وإما أن توجهها للأفضل أو للأسوأ، و أكدت على أنه ما زلنا بحاجة إلى تطوير أبحاث أكثر صرامة لقياس آثارها الفيزيولوجية. لقد حان الوقت للبدء في أخذ هذه القوى بجدية أكبر في كل من علم وممارسة الطب “.

إضافات من المترجم والمحرر:

أظهرت الأبحاث أن العقلية الإيجابية والمتفائلة يمكن أن يكون لها تأثير مفيد على الصحة العامة للمريض وتعافيه.

تأثير الدواء الوهمي:

هو ظاهرة معروفة حيث يعاني المرضى من تحسن في حالتهم بعد تلقي علاج ليس له أي تأثير علاجي. غالبا ما يعزى هذا التحسن إلى إيمان المريض بفعالية العلاج ، مما يدل على قوة العقل في التأثير على الشفاء.

تقليل التوتر:

يمكن أن  تساعد العقلية الإيجابية في تقليل مستويات التوتر والقلق ، والتي يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على قدرة الجسم على الشفاء. يمكن أن يضعف الإجهاد المزمن جهاز المناعة ويبطئ عملية الشفاء ، في حين أن العقلية الإيجابية يمكن أن تدعم استجابة مناعية أكثر صحة.

الالتزام بالعلاج:

يلتزم المريض الذي يتمتع بعقيلة ايجابية بخطط العلاج الخاصة به ، ويتبع النصائح الطبية ، وينخرط في سلوكيات تعزز الشفاء. هذا يمكن أن يؤدي إلى نتائج علاج أفضل وتعافي أسرع.

المرونة:

يميل المريض ذو العقلية الإيجابية إلى أن يكون أكثر مرونة في مواجهة التحديات. قد يكون مجهزا بشكل أفضل للتعامل مع النكسات والمضاعفات ، والتي يمكن أن تسهم في عملية تعافي أكثر سلاسة.

الاتصال بين العقل والجسم:

هو مفهوم راسخ يسلط الضوء على التفاعل بين الصحة العقلية والبدنية. يمكن للمشاعر والأفكار الإيجابية إطلاق بعض المواد الكيميائية والهرمونات التي تدعم عمليات الشفاء في الجسم.

تعزيز الأمل:

 الحفاظ على الأمل والموقف الإيجابي يمكن أن يخلق شعورا بالتمكين والوكالة للمرضى. هذا الشعور بالسيطرة على رحلتهم الصحية يمكن أن يلهمهم للقيام بدور نشط في شفائهم.

من الضروري ان يشجع الطبيب والفريق الطبي المريض على تنمية نظرة إيجابية وتقديم الدعم لصحتهم العقلية في عملية شفاء أكثر شمولا وفعالية، وفي بعض الحالات تحويل المريض الى المتخصصين بالصحة النفسية والعلاج السلوكي المعرفي .

المصدر:

med.stanford.edu.www