بقلم:
د. بسام درويش
مستشار في الإعلام الصحي والتطوير الطبي
يظل التدخين سببًا رئيسيًا للأمراض التي يمكن الوقاية منها والوفيات المبكرة في الولايات المتحدة، حيث يؤدي إلى وفاة حوالي 467,000 شخص سنويًا. ويُعزى ما يقرب من 1 من كل 5 وفيات مبكرة في البلاد إلى التدخين. على الرغم من الأخطار الصحية المعروفة التي يترتب عليها التدخين، فإن جهود إقناع المدخنين بالإقلاع عن التدخين غالبًا ما تفشل، بينما تنجح شركات التبغ في تسويق منتجات جديدة إلكترونية وأخرى كبديلة أكثر أمانًا، حسب ما تروج له تلك الشركات التي تتفنن في الوسائل التي تتبعها من أجل زيادة استهلاك التبغ ومنتجاته بأشكاله وألوانه ومذاقاته العديدة.
المخاطر الصحية
على الرغم من أن التدخين يرتبط شعبيًا بسرطان الرئة وأمراض الجهاز التنفسي، إلا أن الأمراض القلبية والوعائية تمثل في الواقع السبب الرئيسي للوفيات بين المدخنين عالميًا. تفوق وفيات القلب والأوعية الدموية المرتبطة بالتدخين (1.69 مليون حالة وفاة) بكثير وفيات سرطان الرئة (0.97 مليون حالة وفاة) أو أمراض الجهاز التنفسي (0.85 مليون حالة وفاة) بمفردها.
تأثير الدخان السلبي
التدخين لا يؤثر فقط على مستخدمي التبغ ولكنه يعرض غير المدخنين أيضًا للدخان السلبي. تشير التقديرات إلى أن 58 مليون شخص غير مدخن في الولايات المتحدة تعرضوا للدخان السلبي، مما أدى إلى حوالي 7,300 حالة وفاة بسرطان الرئة و34,000 حالة وفاة بأمراض القلب بين غير المدخنين خلال اربع سنوات فقط.
العبء الاقتصادي
يتجاوز التأثير الاقتصادي للتدخين على الولايات المتحدة 301 مليار دولار سنويًا، بما في ذلك 67.5 مليار دولار في خسائر الإنتاجية في مكان العمل، و117 مليار دولار في تكاليف الوفيات المبكرة، و116 مليار دولار في النفقات الطبية المباشرة. تلك الأرقام الهائلة تبرز التكاليف الاجتماعية الواسعة المرتبطة بالتدخين.
أهم التحديات
1. التسويق القوي
شركات التبغ تستثمر بشكل كبير في التسويق والترويج لمنتجاتها، بما في ذلك السجائر التقليدية والمنتجات الإلكترونية. تستخدم هذه الشركات استراتيجيات ذكية لجذب الشباب والفئات العمرية المختلفة، مما يزيد من صعوبة جهود مكافحة التدخين.
2. الاعتماد الاقتصادي على صناعة التبغ
في بعض الدول، تمثل صناعة التبغ جزءًا كبيرًا من الاقتصاد الوطني، مما يجعل من الصعب على الحكومات تطبيق سياسات صارمة لمكافحة التدخين خوفًا من فقدان العائدات الاقتصادية.
3. التثقيف والتوعية المحدودة
رغم الجهود المبذولة، فإن برامج التوعية والتثقيف حول مخاطر التدخين قد لا تصل إلى جميع شرائح المجتمع بشكل فعال. قد تكون الرسائل غير كافية أو غير جذابة، مما يقلل من تأثيرها على المدخنين الحاليين والمحتملين.
4. العوامل الاجتماعية والثقافية
التدخين غالبًا ما يرتبط بعوامل اجتماعية وثقافية تجعل من الصعب تغيير السلوك. قد ينظر إلى التدخين على أنه رمز للرجولة أو النضج، أو يكون مرتبطًا بعادات اجتماعية يصعب تغييرها.
5. الاعتماد النفسي والجسدي
الإقلاع عن التدخين يمثل تحديًا كبيرًا بسبب الإدمان على النيكوتين، والذي يسبب اعتمادًا جسديًا ونفسيًا. تحتاج المؤسسات الصحية إلى توفير الدعم المناسب للمدخنين من خلال برامج الإقلاع عن التدخين التي تشمل العلاج السلوكي والأدوية.
6. ضعف التعاون بين الجهات المختلفة
التصدي لظاهرة التدخين يتطلب تعاونًا بين مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك المؤسسات الصحية، شركات التأمين، الجمعيات الطبية، والمؤسسات الإعلامية والتربوية و التعليمية والاجتماعية ، وشركات الأدوية. في كثير من الأحيان، يكون التنسيق بين هذه الجهات ضعيفًا، مما يؤثر على فعالية الجهود المبذولة.
7. التحديات القانونية والتنظيمية
قد تواجه المؤسسات الصحية تحديات قانونية وتنظيمية في تطبيق قوانين مكافحة التدخين، مثل فرض حظر التدخين في الأماكن العامة ورفع أسعار منتجات التبغ. قد تكون هناك مقاومة من قبل شركات التبغ أو مجموعات الضغط.
8. التكنولوجيا والمنتجات الجديدة
ظهور منتجات التبغ الجديدة مثل السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المُسخن يمثل تحديًا إضافيًا. تُسوق هذه المنتجات كبدائل أقل ضررًا، مما يؤدي إلى ارتباك المستهلكين ويقلل من الدوافع للإقلاع عن التدخين.
9. الكلفة المادية
برامج الإقلاع عن التدخين قد تكون مكلفة، سواء من حيث التطوير أو التنفيذ. قد تتردد بعض المؤسسات الصحية في تخصيص الموارد اللازمة لهذه البرامج، خاصة في ظل الميزانيات المحدودة.
10. التأثير المحدود للتشريعات القائمة
على الرغم من وجود قوانين وسياسات لمكافحة التدخين، إلا أن تأثيرها قد يكون محدودًا بسبب عدم التنفيذ الصارم أو الوعي المحدود بهذه القوانين بين الجمهور.
كلمة مختصرة
مواجهة تحديات التدخين تتطلب جهودًا متكاملة وشاملة من المؤسسات الصحية وجميع الجهات المعنية. من خلال تعزيز التعاون وتكثيف حملات التوعية وتوفير الدعم الكافي للإقلاع عن التدخين، يمكن تحقيق تقدم ملموس في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد الصحة العامة.
بالرغم من الجهود الكبيرة في مكافحة التدخين، يبرز تردد شركات التأمين في تغطية نفقات الراغبين في الإقلاع عن التدخين كتحدي رئيسي. تؤكد الحاجة إلى التعاون بين المؤسسات الصحية وشركات التأمين والجمعيات الطبية والشركات الدوائية لتصميم برامج متخصصة تساعد المدخنين على الإقلاع عن التدخين وتقليل أعباء الأمراض المرتبطة بالتدخين.