في الآونة الأخيرة، أشارت العديد من الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية إلى متلازمة التهابية خطيرة عند الأطفال يمكن أن تكون مرتبطة بعدوى فيروس كورونا المستجد. وفي مقابلة عن بعد، أوضح الاستشاري ورئيس قسم الأمراض المعدية عند الأطفال بمستشفى الجليلة للأطفال في دبي، الدكتور وليد أبو حمور، لموقع CNN بالعربية، علاقة مرض كاواساكي، الذي يصيب الأطفال، بفيروس كورونا المستجد. وأشار إلى أن متلازمة كاواساكي، وهي عبارة عن التهاب حاد في الأوعية الدموية متوسطة وصغيرة الحجم، تصيب حصرياً الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 80%، مضيفاً أنه من غير المعروف المسبب الرئيسي لهذا المرض، ويمكن أن يرتبط بعلاقة وراثية لدى بعض الأطفال.
وأكد أبو حمور أن الالتهابات الفيروسية هي غالباً المحفز الذي يسبب متلازمة كاواساكي.
المظاهر السريرية
وفيما يلي أعراض الإصابة بمرض كاواساكي عند الأطفال:
حرارة مرتفعة 39 درجة مئوية أو أكثر لمدة تتجاوز 5 أيام
احمرار في العينين.
طفح جلدي.
تورم في اليدين والقدمين.
تورم في الغدد اللمفاوية في الرقبة.
وتجدر الإشارة إلى أن تشخيص الإصابة بمتلازمة كاواساكي، يعتمد على الأعراض والفحص السريري.
وفي عام 2009، ظهرت حالات تشخيص الصدمة الناتجة عن متلازمة كاواساكي، والتي تعرف بـ”Kawasaki Disease Shock Syndrome”، والتي تؤدي إلى هبوط في ضغط الدم، وصعوبة بالغة في التنفس، بالإضافة إلى تدهور وظائف أعضاء الجسم مثل القلب، والرئة، والكبد، والكلى، وتستدعي الدخول إلى وحدة العناية الفائقة، وفقاً لما ذكره أبو حمور.
ويعود سبب الصدمة المباشر إلى أن الالتهاب الفيروسي يحفّز جهاز المناعة عند الأطفال لإفراز كميات هائلة من المواد الالتهابية التي تدمر أعضاء جسم الطفل.
العلاج يركّز على عاصفة السيتوكين
يركز العلاج داخل وحدة العناية الفائقة على عاصفة السيتوكين لمعادلة الأجسام الالتهابية في الدم، ويمنع الجهاز المناعي من إفراز الأجسام الالتهابية.
ويتمثل العلاج في إعطاء أجسام مضادة عبر الوريد تُعرف بـ”الغلوبولين المناعي”، “Intravenous immunoglobulin”، وتكون الجرعة عالية للغاية، وهي غرامين لكل كيلوغرام من وزن الطفل على مدار 12 ساعة، ويصاحب هذا العلاج جرعة عالية من عقار “الأسبرين” كمضاد للالتهابات.
وأشار أبو حمور إلى استجابة نسبة 95 % من المصابين بمرض كاواساكي للعلاج، وتبقى نسبة بسيطة تعطى جرعة ثانية.
وبعد مضي حوالي 4 إلى 5 أيام، يتم تخفيف جرعة “الأسبرين” لكمية بسيطة، لتمنع تخثر الصفائح الدموية.
وأكد أبو حمور أن الصدمة الناتجة عن مرض كاواساكي تعد جديدة كما يحتاج المرض لاستشاري في الالتهابات والأوبئة لتشخيصه.
ومؤخراً تم علاج 4 حالات لأطفال مصابين بمتلازمة كاواساكي في مستشفى الجليلة للأطفال بالأجسام المضادة والأسبرين.
حالات بسيطة
تجدر الإشارة إلى أن نسبة 80% من المرضى المصابين بفيروس كورونا لا تستدعي حالتهم دخول إلى المستشفى، إذ تكون حالاتهم بسيطة، تتمثل في ألم في الحلق، والسعال، ودرجة حرارة خفيفة.
حالات متوسطة
هناك 20% من المصابين تكون حالتهم متوسطة وتستدعي الدخول إلى المستشفى حيث يتم الاعتناء بهم، وتقديم الرعاية الداعمة، ووضعهم على أجهزة التنفس الاصطناعي، وإعطائهم أدوية موصى باستخدامها من قبل منظمة الصحة العالمية”.
ومن ضمن نسبة 20%، تستدعي حالة 5% من المرضى المصابين بفيروس كورونا دخول العناية المركزة، وذلك نتيجة تحفيز الجهاز المناعي واختلال السيطرة وتحكم الجسم فيه، وهنا تحدث عاصفة السيتوكين أو عاصفة الأجسام الالتهابية تماماً كما يحدث في حالة متلازمة الصدمة الناتجة عن مرض كاواساكي”.
الأجسام الالتهابية تدمر خلايا الجسم، لذلك أعراض فيروس “كوف-2” المسبب لمرض “كوفيد-19” تشبه أعراض متلازمة الصدمة الناتجة عن مرض كاواساكي.
مقارنة مرض كاواساكي مع مرض كوفيد-19
لكي نقوم بتدبير وعلاج المرض ومنع حدوث مضاعفاته ، لا بد أن نفهم الآلية الإمراضية له ، وكل ما يتعلق به ، ومن هنا وجب التوضيح الفرق ما بين مرض كاواساكي مع كوفيد-19، وفيما يلي بعض النقاط الأساسية في الفرق بينهما:
المسبب هو التهاب فيروسي.
قد يكون هناك علاقة جينية تجعل الجسم غير قادر على التحكم في الجهاز المناعي بعد تحفيز الفيروس له.
ينتج عطل وظائف الأعضاء في الجسم، “Multi-Organ Dysfunction”، عن عاصفة السيتوكين أو العاصفة الالتهابية وليس الفيروس مباشرةً.
وبالنظر إلى أن نسبة 5% من المرضى المصابين بـ”كوفيد-19″ تستدعي حالتهم دخول العناية المركزة، ووضعهم على أجهزة التنفس الاصطناعي، وتبلغ نسبة الوفاة 2.5%، ولا يوجد حتى الآن علاج مثبت لمساعدتهم، يقترح أبو حمور ببدء أبحاث وتجارب سريرية للعلاج بالغلوبيولين المناعي عن طريق الوريد، “Intravenous immunoglobulin”، بالإضافة إلى عقار الأسبرين، أي العلاج الموصوف لمرضى متلازمة كاواساكي.
علاج الإصابات الخطيرة
تحدث عاصفة السيتوكين نتيجة تحفيز الالتهاب الفيروسي للجهاز المناعي عند المرضى المصابين بالفيروس، وهناك حالات يكون فيها الجهاز المناعي تحت سيطرة الجسم، ولذلك لا تحدث عاصفة إفرازت الأجسام الالتهابية.
أما في بعض الحالات الأخرى، وهي غالباً متعلقة بالجينات الوراثية عند المريض، يخرج الجهاز المناعي عن السيطرة ويفرز أجسام التهابية بشكل هائل، تؤدي إلى خلل في وظائف الجسم.
والجدير ذكره أن النتائج المخبرية لفيروس “كوف-2” لمرضى “كوفيد-19″، بأعراض عاصفة السيتوكين، متشابهة للغاية مع متلازمة كاواساكي التي تؤدي إلى عاصفة السيتوكين، والسبب المباشر هو تنبيه فيروس كورونا للجهاز المناعي لدى الشخص، أما المسبب الآخر، يتعلق بالقابلية عند المرضى، وغالباً ما يرتبط بعامل الوراثة الجينية.
ومن وجهة نظر أبو حمور ، فإن جميع المضاعفات التي تتبع هذه المرحلة هي ناتجة عن عاصفة السيتوكين، ويضيف: “لذلك نهدف إلى توجيه علاجنا، كاستشاريين للأطفال والأمراض المعدية، لعاصفة السيتوكين وليس الفيروس”.