Connect with us

الواحة الطبية

هل الجينات مسؤولة عن الوزن الزائد؟

ترجمة وإعداد : د.أحمد سمير بيرقدار

تُعرف منظمة الصحة العالمية السمنة على أنها تراكم غير طبيعي أو مفرط للدهون قد يلحق الضرر بالصحة، وتحدد السمنة عند البالغين بمنسب كتلة الجسم (BMI) الأكبر من 30، ويتم حسابه بقسمة وزن الشخص البالغ مقاساً بالكيلوغرام على مربع طوله مقاساً بالمتر (كغ\متر2 ).

مرض مزمن

تم تصنيف السمنة كمرض مزمن حسب مركز مكافحة الأمراض الأمريكي، باعتبارها وباء منتشر في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بسبب تأثيرها الكبير على القطاع الصحي والاقتصادي والخسائر الكبيرة الناجمة عن انخفاض إنتاجية الأفراد وتكاليف علاج الأمراض المرافقة للسمنة.

رغم أن هذا التصنيف لم يتم تبنيه من قبل منظمة الصحة العالمية، فإن انتشار “جائحة البدانة” في العالم بات واضحاً أن 13% من البالغين يعانون من السمنة أما 39% منهم فيعانون من الوزن الزائد.

ولكي نفهم جيداً من أين تأتي الاختلافات بين الأفراد البدناء وذوي الوزن الطبيعي علينا أولاً أن نتعرف على الأسباب العامة للسمنة .

حيث إن السبب الأساسي هو تخزين الطاقة الزائدة عن حاجة الانسان اليومية كدهون تحت الجلد أو في الأحشاء

كمية الدهون المتراكمة = كمية الطاقة الداخلة إلى الجسم – كمية الطاقة المصروفة

بحسبة بسيطة يمكننا الاستنتاج أننا بإنقاص كمية الطاقة الداخلة أو زيادة الطاقة المصروفة يمكننا إنقاص كمية الدهون المتراكمة، ويعبر عادةً عن هذه الطاقة بـ (السعرات الحرارية).

على الرغم من بساطة المعادلة إلّا أنَّ الواقع مختلف، فهناك الكثير من العوامل التي تتداخل وتؤدي لتفضيل تخزين الدهون على استهلاكها أو العكس، مما يجعل الحفاظ على وزن صحي ليس متعلقاً فقط بكمية السعرات الحراريّة، بل بعوامل كثيرة تناولناها في مقال سابق بعنوان” توقف عن عدّ السعرات الحرارية”

وأخرى لم نذكرها قد تكون خارجة عن إرادتنا وتتعدى ذلك لتكون مرمّزة في شيفرتنا الوراثيّة.

الجينات و الوزن الزائد

كما هو معروف فإن التطابق في المادة الوراثية (DNA) بين أي شخصين هو 99،9% ليتبقى 0،1% تميزنا كأفراد وتحدد العديد من الصفات الشكلية كالطول ولون البشرة والعيون والصوت وغيرها، وبشكل أقل الاختلافات في الصفات النفسية كالغضب السريع والحماس.

أوضحت بعض الدراسات الأخيرة أن جينات الأفراد البدناء تختلف عن الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي، ومعظم هذه الجينات متعلقة بالشهية أو الإحساس بالشبع وعمليات الاستقلاب، يعبر عنها بشكل أساسي في الوطاء وهو منطقة في الدماغ المتوسط مسؤولة عن الاستباب الداخلي.

أظهرت الدراسات ارتباطاً كبيراً للسمنة مع الاختلاف الجيني بين البشر مما دفع الباحثين لتقسيم السمنة المرتبطة بالجينات إلى نوعين أساسيين.

  1. السمنة الجينية المرافقة للمتلازمات:

وهي حالة نادرة من السمنة ترافق المتلازمات الجينية التي تنشأ عن طفرات مرضية في المادة الوراثية كمرضى متلازمة (باردر ويلي) التي تتظاهر بتأخر ذهني ونوم مفرط مرافق للسمنة.

  • السمنة الجينية غير المرافقة للمتلازمات:

وهي السمنة التي تنشأ عن طفرات في المادة الوراثية، ولكن هذه الطفرات غير مرضية أي أنها لا تؤدي إلى مظاهر مرضية عند حاملي هذه الطفرات، بل هي مجرد اختلافات بين الأفراد كما ذكرنا سابقاً.

يمكن تقسيم النوع السابق إلى تحت نوعين مختلفين:

  1. 1)     وحيدة المنشأ الجيني:

وهي في العادة حالات نادرة من الطفرات في جينة واحدة والتي تؤدي إلى السمنة عند الأفراد، تتميز هذه الحالات من السمنة بظهورها بشكل مبكر في مراحل الطفولة وبكونها مفرطة في معظم الأحيان، تسببها طفرات في الجينات المسؤولة عن تنظيم وزن الجسم، الشهية، الاستقلاب واستهلاك الطاقة.

من هذه الجينات:

POMC و PC1 وهما جينتان مسؤولتان عن تثبيط الشهية حيث تتأثران بإشارات من النسيج الدهني والمعدة.

LEPTIN   وهي جينة هرمون تثبيط الشهية يفرز من الخلايا الدهنية ويعمل على تثبيط الشهية عبر تنبيه الوطاء أو تحت المهاد في الدماغ.  

FTO جينة يعبر عنها في الوطاء ومسؤولة عن الاستتباب الداخلي عن طريق تنظيم استهلاك الطاقة في الجسم.

  • 2)      السمنة متعددة المنشأ الجيني:

وهي النوع الأكثر شيوعاً من السمنة حيث يعتقد أن معظم حالات السمنة في العالم تترافق مع اختلافات عند الأفراد البدناء في عدة جينات لا ترتبط مباشرة بالشهية والاستقلاب، بل أنها تتداخل مع هذه الآليات بطرق غير مباشرة.

أهم هذه الجينات هي:

جينات المستقبلات الأدرينالية بيتا: وهي المستقبلات المسؤولة عن الاستجابة للأدرينالين في حالة الاستثارة (الغضب أو الخوف) لوحظ أن اختلاف بسيط في بنية إحدى الجينات السابقة (ADRB1) يرتبط بشكل وثيق بالبدانة طويلة الأمد والبدانة التي تبدأ عند النساء البالغات كما ترتبط بغض التغيرات في الجين (ADRB2) بارتفاع مستويات الشحوم المتعددة في الدم وانخفاض مستوى هرمون leptin وبانخفاض في تحلل الدهون في الجسم وزيادة تراكمها.

الجينة SLC1 وهي مسؤولة عن خطوة مهمة في تصنيع السيروتونين المعروف بهرمون السعادة وقد لوحظت أشكال من هذه الجينة عند الناس البدناء تختلف عن تلك التي يحملها ذوي الوزن الطبيعي

الجينة UCP والتي يعبر عنها في النسيج الشحمي البني وهي مسؤولة عن تحلل الشحوم وتوليد الحرارة للحفاظ على استتباب حرارة الجسم وقد لوحظ ارتباط بعض اشكال هذه الجينة بانخفاض هذه الفعالية عند الأشخاص البدناء.

يمكننا القول إنه في حالة السمنة متعددة المنشأ الجيني ليست الجينات نفسها هي التي تسبب السمنة، بل  تزيد احتمالية الإصابة بها في حالة اتباع نظام حياة غير صحي.

قد يبدو للوهلة الأولى أن السمنة في معظم الحالات قدرنا إذا كنّا من الأفراد الحاملين للجينات “غير المحظوظة” ولكن هذا الاستنتاج غير دقيق، المغزى الأساسي من دراسة علاقة الجينات بالبدانة عند الأفراد هو فهم اختلافاتنا وإيجاد نمط حياة مناسب لكل فرد، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه مختلف ومميز، هذه الدراسات تستخدم حالياً في بناء الحمية الشخصية حيث بدأت بعض عيادات التغذية بتوفير تحاليل جينية قبل اختيار الحمية المناسبة لكل شخص.

ويبقى تغيير نمط الحياة من خلال الحفاظ على حمية صحية وممارسة الرياضة بانتظام والنوم لساعات كافية اثناء الليل هو الحل الأساسي لمشكلة البدانة وأما الدراسات السابقة فهي لتدعم مجهودنا المستمر لنحيا أصحاء معافين كلٌّ بطريقته الفريدة من نوعها.

 المصادر

Molecular genetics of human obesity: A comprehensive review

https://doi.org/10.1016/j.crvi.2016.11.007

WHO official website

https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/obesity-and-overweight

Center of Disease Control and prevention (CDC )

https://www.cdc.gov/obesity/index.html

Continue Reading

مقالات شائعة