ترجمة وتحرير : د.بسام درويش مستشار في الإعلام الصحي والتطوير الطبي يطرح تقدم العمر تحديات صحية كبيرة، ويصبح البحث عن سبل لتحسين جودة الحياة خلال سنوات الشيخوخة أكثر إلحاحًا. في هذا السياق، يسعى العلماء لفهم الآليات البيولوجية التي تسبب الشيخوخة، إذ يطمحون إلى إطالة فترة الحياة الصحية – وهي الفترة التي يعيش فيها الشخص دون أمراض مزمنة. وبهذا الصدد أشار ويليام مير، أستاذ الاستقلاب الجزيئي بجامعة هارفارد، إلى أن معالجة الشيخوخة البيولوجية تتطلب مبادرات علمية “طموحة” قد تفتح آفاقاً جديدة نحو حياة أطول وأفضل.
بيولوجيا الشيخوخة: الأسباب والتحديات تهدف بيولوجيا الشيخوخة إلى فهم التدهور الذي يصيب الخلايا والأنسجة مع التقدم في العمر. و تشير الأبحاث إلى أن الشيخوخة نتيجة تراكم الأضرار الجزيئية داخل الخلايا، مثل تلف الحمض النووي وتراكم البروتينات غير الطبيعية، يؤدي لحدوث التغيرات التي تسبب ضعف الأداء الخلوي وظهور الأمراض المزمنة، مثل الزهايمر وأمراض القلب. أمثلة على عوامل الشيخوخة البيولوجية:
التلف الخلوي: تراكم الأضرار في الحمض النووي يعوق قدرة الخلايا على العمل بفعالية.
الخلل في الاستقلاب : يصبح الجسم أقل كفاءة في معالجة العناصر الغذائية، مما يساهم في تراكم الدهون غير الصحية وارتفاع مخاطر الأمراض المزمنة.
تراجع المناعة: يؤدي انخفاض الكفاءة المناعية إلى زيادة عرضة الأفراد للإصابة بالأمراض مع التقدم في العمر. أظهرت دراسة نشرت في Nature Aging أن التقدم الطبي خلال العقود الأخيرة ساهم في زيادة متوسط العمر المتوقع، لكنه لم يبطئ عملية الشيخوخة البيولوجية ذاتها. فبدلاً من تقليل الشيخوخة، ساهمت التطورات الطبية في الحد من الوفاة المبكرة فقط، مما زاد من العبء الصحي الناتج عن الأمراض المرتبطة بالشيخوخة.
أهمية تحسين فترة الحياة الصحية بينما يهدف الطب الحديث إلى إطالة العمر، فإن الهدف الأسمى يجب أن يكون تحسين جودة الحياة مع التقدم في السن. إذ يرتبط مفهوم “فترة الحياة الصحية” بتقليل فترة الأمراض المزمنة في نهاية الحياة، مما يتيح للأفراد الاستمتاع بحياة أطول وصحية. فبينما يصل المزيد من الأشخاص إلى الشيخوخة، فإن الكثير منهم يعانون من الأمراض المزمنة، مما يؤدي إلى تحديات صحية كبيرة ومؤلمة. تقييد السعرات الحرارية وتأثيره: أشارت الأبحاث إلى أن تقييد السعرات الحرارية يمكن أن يكون فعالاً في تحسين استجابة الجسم للأمراض المرتبطة بالعمر. فعلى سبيل المثال، وجدت تجارب على الحيوانات أن تقليل السعرات الحرارية بنسبة 20-30% يؤدي إلى إطالة العمر وتأخير ظهور الأمراض المرتبطة بالشيخوخة مثل السرطان وأمراض القلب.
الحاجة إلى “مبادرات طموحة” لتحقيق تقدم ثوري، تحتاج الأبحاث إلى مبادرات طموحة تعتمد على تقنيات متقدمة تستهدف إصلاح الأنسجة وتجديد الخلايا. التجديد الخلوي: من المبادرات الطموحة في هذا المجال هي تقنية التجديد الخلوي التي تسعى إلى إعادة الخلايا إلى حالات شبابية. هذه التقنية قد تسمح بتجديد الأنسجة التي تضررت مع مرور الوقت، ما يساهم في إطالة فترة الحياة الصحية. على سبيل المثال، يجرى الباحثون تجارب لتحويل الخلايا البالغة إلى خلايا جذعية، مما يسمح بإصلاح الأنسجة المتدهورة. تقنيات أخرى من بين المبادرات الطموحة الأخرى التي يعمل عليها العلماء، تجديد أنسجة القلب، وتحسين مرونة الاستقلاب على المدى الطويل، والتي قد تعيد الجسد إلى حالات شبابية أكثر. هذه المبادرات تتطلب استثمارات علمية جريئة، ومن المحتمل أن تحدث تغييراً جذرياً في حياة البشر في المستقبل. أعرب ويليام مير عن مخاوفه من أن البعض قد يرى مثل هذه المبادرات مستحيلة، لكن تجاهلها قد يكون خسارة كبيرة للعلم والمجتمع. ففي نهاية المطاف، يكمن “جمال العلم” في المخاطرة المحسوبة لتحقيق مكاسب كبيرة. إن بيولوجيا الشيخوخة والتحديات المرتبطة بها تطرح أسئلة جوهرية حول كيفية العيش بصحة جيدة لعمر أطول. ورغم أن العلم لا يمكنه بعد تأكيد إطالة العمر بشكل كبير، إلا أن التركيز على تحسين فترة الحياة الصحية واتخاذ مبادرات طموحة قد يفتحان آفاقاً جديدة لمستقبل صحي. مع التقدم العلمي والتكنولوجي، قد يكون المستقبل قريبًا حافلاً بفرص إطالة الحياة الصحية بشكل لم يكن متوقعًا. bassam@balsamhealthcare.com المصدر: https://www.hsph.harvard.edu/news/features/life-expectancy-may-be-reaching-upper-limits-for-now/