ترجمة وتحرير: د. بسام درويش
السرطان ليس مجرد مرض جسدي، بل هو تحدٍ نفسي واجتماعي يترك آثارًا عميقة على حياة المرضى وعائلاتهم. يعد الاضطراب العاطفي من أبرز هذه التحديات التي تصاحب المرض، حيث يؤثر بشكل كبير على نوعية حياة المريض وقدرته على التكيف مع العلاج. يهدف هذا الجزء من المقال إلى تسليط الضوء على التأثيرات النفسية والعاطفية للسرطان، وكيف يمكن أن يعكر الاضطراب العاطفي حياة المريض ويزيد من صعوبات التكيف.
الاضطراب العاطفي وتأثيره على حياة مريض السرطان
نظرًا لاعتباره من أكبر ضغوط الحياة، يمكن للسرطان أن يسبب ضائقة نفسية كبيرة واضطرابات في الصحة النفسية، مثل الاكتئاب الشديد، واضطراب القلق العام، واضطراب التكيف، واضطراب الهلع، واضطراب ما بعد الصدمة. ترتبط الحالة النفسية السيئة دائمًا بنوعية حياة أقل إرضاءً وانخفاض في الأداء النفسي والاجتماعي.
أظهرت دراسة على 34 ناجيًا يعانون من آثار متأخرة (الأعراض الناتجة عن السرطان المتقدم) مستويات أعلى من الضيق النفسي والقلق. كما أن المستويات العالية من الاكتئاب كانت مرتبطة بالأنوثة، وانعدام العلاقة الحميمة، والمعاناة من آثار المرض المتأخرة. يرتبط العديد من أنواع السرطان بنظرة سلبية والشعور بالذنب، حيث يعاني بعض المرضى من وصمة العار المرتبطة بالمرض. على سبيل المثال، يرتبط سرطان الرئة بشكل كبير بسلوك التدخين، مما يجعل المرضى عرضة لتطوير وصمة العار الذاتية وأفكار اللوم الذاتي. نتيجة لطبيعة المرض، غالبًا ما يشعر مرضى السرطان والناجون منه بعبء إدراكي ذاتي.
أظهرت دراسة في الصين أن معدل انتشار الاضطرابات النفسية كان 10.6٪ بين الأفراد الأصحاء و20.0٪ بين مرضى السرطان. كما أظهر استطلاع آخر نُشر مؤخرًا أن المراهقين والشباب الناجين من السرطان (الذين تم تشخيصهم عندما كانوا صغارًا) كانوا أكثر عرضة للإصابة بضائقة نفسية (11.5٪ من بين 1757) مقارنة بالبالغين الذين ليس لديهم تاريخ إصابة بالسرطان (5.8٪ من بين 5227)، بما في ذلك 11.2٪ أبلغوا عن ضائقة بعد أكثر من 20 عامًا من تشخيص السرطان.
المشاكل المتعلقة بالعلاج
من بين الضغوطات التي تسبب ضائقة عاطفية، تعتبر المشاكل المتعلقة بالعلاج حصرية للمجال الطبي، وخاصة في علم الأورام. بناءً على النتائج النوعية والكمية، قد يقرر الأفراد، بسبب الخوف، إما الخضوع لفحص السرطان أو تأجيل زياراتهم للمستشفى لطلب المشورة الطبية. تظهر الأبحاث أن الأفراد الذين يواجهون الخوف من سرطان الثدي يكونون أكثر ترددًا في الذهاب للفحص. ومع ذلك، يمكن أن يكون الدعم الاجتماعي عاملًا مفيدًا في اتخاذ قرار الفحص.
الخوف من التكرار (FCR)، الذي يُعرف غالبًا بأنه “الخوف أو القلق من أن السرطان قد يتكرر أو يتطور”، يُعد تحديًا رئيسيًا آخر يواجهه المرضى والناجون. في حين أن الخوف المعتدل من التكرار قد يشجع على سلوكيات صحية تكيفية، فإن الخوف الشديد من التكرار يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب ومستويات عالية من القلق والانشغال.
المصدر:
https://gpsych.bmj.com/content/35/5/e100871