د.بسام درويش
مستشار في الإعلام الصحي والتطوير الطبي
الصحة المستدامة ليست مجرد مفهوم يعبر عن الحفاظ على الصحة على المدى القصير، بل هي نهج شامل يتبنى الحفاظ على صحة الأفراد والمجتمعات على المدى الطويل. وهذا يتجاوز مفهوم العناية بالصحة الشخصية ليشمل حماية البيئة، دعم الاقتصاد المحلي، وتعزيز الاستدامة على جميع الأصعدة. و تكمن أهمية الصحة المستدامة في قدرتها على تحسين جودة الحياة، تقليل العبء على الأنظمة الصحية، وبناء مجتمع قوي ومزدهر.
كيف؟
تبدأ الصحة المستدامة من الفرد، إذ يُعد كل شخص المسؤول الأول عن صحته وسلوكياته. يؤثر سلوك الفرد بشكل مباشر على صحته الشخصية، ولكنه أيضًا يترك أثرًا على صحة المجتمع ككل. عندما يتبنى الأفراد سلوكيات صحية مستدامة، مثل تناول غذاء متوازن، ممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على الصحة العقلية، فإنهم يسهمون في بناء مجتمع صحي وقوي.
تغيير السلوك ليس أمرًا سهلًا، لكنه ضروري من أجل تحقيق الصحة العامة. الفرد يمكنه أن يبدأ بتغيير بسيط في عاداته اليومية، مثل تقليل استهلاك السكر أو المشي لمدة 30 دقيقة يوميًا، ومن ثم يتوسع في تبني ممارسات صحية أكثر تعقيدًا. كما أن الفرد يمكنه أن يكون نموذجًا إيجابيًا لأسرته وأصدقائه، مما يسهم في تغيير سلوكيات الآخرين وتعزيز الصحة العامة.
دور التوعية
يوميا نكرر من خلال برنامج بلسم على إذاعة وتلفزيون نور دبي ، أن المعرفة قوة والصحة نعمة والالتزام واجب وطني ، والمعرفة أساس التوعية ، والتوعية هي الخطوة الأولى للوقاية من أخطر الأمراض والسيطرة عليها ، ومن هنا يمكننا القول إن التوعية تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز مفهوم الصحة المستدامة. من خلال الحملات التوعوية التي نقوم بها من خلال أكاديمية بلسم للتعليم الطبي والبحوث ، وبالتعاون مع بلسم لتطوير الرعاية الصحية ، والشركاء الاستراتيجيين من مؤسسات صحية وحكومية وشركات صحية وطبية وغيرها ، يمكن نشر المعرفة حول أهمية تبني سلوكيات صحية، وكيفية الوقاية من الأمراض المزمنة، وأهمية الحفاظ على الصحة العقلية. التوعية تسهم في بناء وعي جماعي حول المخاطر الصحية المرتبطة بالسلوكيات غير الصحية، كما تشجع على تبني ممارسات صحية تساهم في تحسين جودة الحياة.
التوعية لا يجب أن تقتصر على الجانب النظري فقط، بل يجب أن تتضمن برامج عملية تشجع الأفراد على اتخاذ خطوات فعلية نحو تغيير سلوكياتهم. على سبيل المثال، يمكن تنظيم ورش عمل تفاعلية، أو جلسات استشارية، أو حتى تحديات مجتمعية تشجع على تبني سلوكيات صحية.
أهمية تحفيز أفراد المجتمع: “صحتي ثروة لوطني“
تحفيز أفراد المجتمع على تبني سلوكيات صحية مستدامة لا يقتصر على تحسين حياتهم الشخصية فقط، بل يمتد ليشمل رفاهية المجتمع بأسره. عندما يكون المجتمع مكونًا من أفراد يتمتعون بصحة جيدة، فإنه يصبح أكثر قدرة على الإنتاج والابتكار، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.
“صحتي ثروة لوطني” هو شعار يعكس العلاقة الوثيقة بين صحة الأفراد و الالتزام والولاء للوطن ، هذا الوطن الذي يسمو بأبنائه الأصحاء .
الصحة ليست مجرد مسألة شخصية، بل هي مسؤولية جماعية. التزام كل فرد بصحته هو واجب وطني يساهم في بناء أمة قوية ومستدامة. من هنا، يصبح تحفيز الأفراد على الالتزام بالسلوكيات الصحية ليس مجرد خيار، بل ضرورة وطنية.
الالتزام واجب وطني
في ظل التحديات الصحية العالمية، مثل انتشار الأمراض المزمنة والأوبئة، يصبح الالتزام بالصحة المستدامة واجبًا وطنيًا على كل فرد. الالتزام بالسلوكيات الصحية لا يحمي فقط الفرد من المخاطر الصحية، بل يحمي المجتمع بأكمله من الأزمات الصحية التي قد تؤثر على استقراره واقتصاده.
الحفاظ على الصحة المستدامة يتطلب جهودًا متواصلة من الأفراد، والمؤسسات الصحية، والحكومات. من خلال التكاتف والتعاون، يمكن تحقيق هدف الصحة المستدامة، مما يضمن مستقبلًا صحيًا ومزدهرًا للجميع.
دعوة للعمل
الصحة المستدامة هي حجر الأساس لبناء مجتمع قوي ومستدام. يتطلب تعزيز هذا المفهوم تغيير السلوكيات الفردية، وزيادة الوعي الجماعي، وتحفيز أفراد المجتمع على اعتبار الصحة التزامًا وطنيًا. من خلال تعزيز الصحة المستدامة، يمكننا جميعًا أن نسهم في بناء وطن قوي يتمتع بالصحة والرفاهية. “صحتي ثروة لوطني” ليس مجرد شعار، بل هو دعوة للعمل والالتزام من أجل مستقبل أفضل.
bassam@healthinarabic.com